ظل محمد المسعود (65 عاما) يطوف بين احياء المدينةالمنورة بحثا عن شقة ليستأجرها، غير أنه عاد من رحلته بخفي حنين بعد أن اكتشف أن أسعار الشقق تجلس على صفيح ساخن، وأن عليه البحث عن منزل شعبي في أطراف المدينة يتناسب مع دخله الشهري. ويعد المسعود واحدا من ذوي الدخل المحدود الذين يعيشون في هاجس ارتفاع إيجارات الشقق السكنية وهي الظاهرة التي تضرب مثل التسونامي البحري في العديد من المدن الكبرى. وفي سياق ارتفاع إيجارات المدينةالمنورة فإن ثمة شريحة كبيرة من الأهالي يعانون من ارتفاع أسعار إيجارات المنازل والشقق السكنية، وشكا عدد منهم من قيام بعض ملاك المنازل والشقق برفع أسعار الإيجارات دون سبب واضح ومقنع، أو سابق إنذار. وفي هذه الأيام ومع انطلاق النصف الثاني من العام الهجري، وهو الموعد المقرر من قبل ملاك المنازل والشقق السكنية لتحصيل باقي الإيجار السنوي، تظهر على السطح بعض التصرفات والإيحاءات «غير المقبولة»، بحسب وصف المستأجرين، حيث تبدأ العبارات التي تمهد الى رفع الإيجار، وعلى المستأجر القبول او الإخلاء مع نهاية العام، وهناك من يهدد في العلن والكثير من التصرفات التي تهدف الى «رفع قيمة الإيجار». «عكاظ» تجولت في عدد من أحياء المدينةالمنورة والتقت بعدد من المواطنين الذين اشتكوا من ارتفاع إيجارت المساكن. وفي هذا السياق، أوضح فالح العوفي «أسكن مع عائلتي في شقة مكونة من أربع غرف في أحد أحياء المدينةالمنورة، وفي منتصف العام الهجري فوجئت بالمالك يخبرني بأن سعر الإيجار قد تغير وزاد 4 آلاف ريال ليصل الى 24 ألف ريال، وطالبني في حال عدم موافقتي بإخلاء الشقة نهاية العام، وعند السؤال عن السبب قال المالك جميع الأسعار ارتفعت». وذكر رشيد التميمي «زاد المالك في سعر الإيجار للشقة التي اسكنها منذ خمس سنوات، واضطررت إلى الموافقة على الزيادة التي بلغت أكثر من ألفي ريال، نظرا لارتباط أبنائي بالدراسة في المدارس بالحي نفسه»، مضيفا «ذلك لم يكن مبررا، لأن الشقة هي ذاتها منذ سكنت فيها، فلم يعمل لها صيانة أو ترميما أو نحوه، ولا توجد أسباب واضحة سوى أنه ركب موجة الغلاء في إيجارات الشقق». في المقابل، أوضح تركي السهلي المستثمر العقاري، ل«عكاظ» أن إيجارات الشقق في المدينةالمنورة في الماضي القريب، وتحديدا منذ خمس سنوات مضت كانت في متناول الأيدي، حيث تجد الشقة أربع غرف في حدود 15 ألف ريال والخمس غرف في حدود 18 ألف ريال. وأضاف: ثم بدأت الإيجارات في الارتفاع حتى بلغت الآن 25 ألفًا لأربع غرف، وللأسف بعض الملاحق غرفتان تجدها بنحو 18 ألف ريال بعد أن كانت بثمانية آلاف ريال فقط. وعن الأسباب التي أدت لهذا الارتفاع، قال السهلي: إنها في نظري تعود إلى ثلاثة أمور، الأول توجه الأمانة عن توزيع المنح السكنية في داخل النطاق العمراني وداخل الخدمات، فأصبحت جميع المنح والتي وصلت إلى آلاف الأراضي في مناطق لا يستفاد منها وليست مؤهلة للبناء وهذا الأمر قابله تزايد في السكان وزيادة في عدد المحتاجين إلى السكن، ولك أن تتصور كم من الشباب يتزوج سنويا لتعرف نسبة الاحتياج إلى الشقق السكنية. الثاني تأخر المشاريع الإسكانية ما تسبب في زيادة الطلب على الشقق مع تزايد النمو السكاني، وهذا للأسف أمر نستغربه جميعا، أما الأمر الثالث، فهو إصرار أمانة المدينةالمنورة على عدم السماح بزيادة الأدوار السكنية للمخططات التي لا يرخص بها سوى دورين وملحق، ولو قامت الأمانة بالسماح بذلك، وهو ما يسمى التمدد الرأسي للإسكان، فبذلك تزيد كل عمارة أقل شيء شقتين أو ثلاث شقق، ما يعني توافر الآلاف من الشقق، ومنطقيا سوف تقل الأسعار مع توافر الشقق. وأضاف السهلي أن هناك الطمع أو الجشع من قبل بعض ملاك الشقق ، ونقول طمع لأنه لم يشتر عقارا بسعر مرتفع لكي يقول إنه مضطر للإيجار بسعر مرتفع، لكن البعض تجده يملك عقارات منذ سنين طويلة وبالأسعار القديمة الرخيصة، لكنه يقوم برفع الإيجار على المستأجرين بلا سبب سوى أنه يريد مواكبة الغلاء فقط لا غير. وعن الحلول للحد من هذه الارتفاعات في أسعار الشقق السكنية، قال: آن الأوان لإيجاد جهة رقابية لضبط الأسعار ووضع دليل يتم إلزام جميع مكاتب العقار به ووضع العقوبات والجزاءات على الملاك والمستثمرين لكل من يثبت أنه تجاوز التسعيرة التي يضعها ولي الأمر، ومن المعروف شرعا أن ما يسمى بالتسعير للمواد مختلف في حكمه، والراجح أن لولي الأمر إلزام أهل السوق بسعر لكل سلعة يزيد سعرها بشكل يضر بالمواطن. أيضا من الحلول التي يتوجب الإسراع بها، سرعة إنجاز المشاريع الإسكانية وتسهيل عمليات التمويل، سواء من البنك العقاري أو البنوك الخاصة. ومن الحلول أيضا التي لا بد منها، السماح بزيادة الأدوار للمخططات ذات الدورين والملحق، مثل المخططات المجاورة للدائري الثاني ومثل العزيزية. دليل تنظيمي يعول المراقبون على اللائحة الجديدة الخاصة بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر والأطراف الأخرى التي أقرتها وزارة الإسكان مؤخرا، إذ يرى متعاملون في سوق العقار أنها في حال تطبيقها ستكون بمثابة الدليل التنظيمي والإجرائي في هذا الخصوص. والحفاظ على حقوق المستأجر والمؤجر وواجباتهما، وهيكلة العلاقات النظامية لأطراف العملية التأجيرية، والتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لتدعيم بناء البيئة النظامية.