عبده خال أنا لاعب قديم في نادي الاتحاد، تم تسجيلي في كشوفات البراعم للنادي من خلال قصة طريفة ليس وقت سردها الآن. ومنذ أن خلعت فنلة النادي لم أستطع خلع حبي له، هذا الحب كان مصدر حماسة للانتقال إلى الملاعب ومتابعة المباريات والدخول في مشاحنات وإثارة الأقاويل عندما يجتمع الصحب للحديث عن الأندية حتى إذ سلكت طريق القراءة الكتابة تلكأت قدماي وضمرت خطواتهما ولم أعد أحرص على حضور مباريات الاتحاد. وتحولت شاشة التلفاز إلى ملعب منزلي أقتعد أمامها مشجعا وصائحا ومترنما بالأهازيج الخارجة من حناجر أولئك العشاق الذين لم يضلوا بين أوراق الكتب أو دواوين الشعر أو كتب الفلسفة والأساطير. أناس بقوا أمناء على العشق الأول يتابعون فريقهم أينما حل أو ارتحل مشجعين وهاتفين ومنشدين ومتراقصين ولا يتخلون عن فريقهم في فوز أو هزيمة حتى من هجر الملاعب يظل تواقا لتجديد حبه لهذا النادي مع أي منازلة تحيي لهيب العشق الأول.. شيء من الروح يتجدد. كم هي الهزائم التي مني بها الاتحاد حتى إنه في أحد الأعوام كان على وشك الهبوط للدرجة الأولى ومع ذلك لم يفتر هؤلاء الجمهور من حبهم. نادي الاتحاد وجمهوره كالعنقاء ذلك الطائر العربي الأسطوري الذي يشبه النسر وله ريش ذهبي يطوق عنقه بينما بقية جسمه ذا لون قرمزي يعيش حياته فاتنا مفتونا حتى إذا كبر في السن بنى عشا من عيدان القرفة وحبات البخور ثم يتمدد داخل هذا العش دافنا نفسه أسفل حبات البخور استعدادا للموت حتى إذا مات تتولد من نخاع عظامه دودة صغيرة الحجم تتحول إلى طائر صغير يكون أول عمل يقوم به هو دفن سلفه ثم يحمل عشه بأكمله إلى مدينة الشمس بالقرب من باعنخاي (جزيرة سقطرة باليمن) ،وهناك يضعه على المذبح، ومع دورات السنة العظيمة تظهر دودة جديدة مرة أخرى لتعيد نفس المنوال كما فعل الطائر الأول في الفصول وعند ظهور النجوم. هذا هو حال الاتحاد وجمهوره ففي كل زمن يظن الآخرون أن هذا الطائر قد مات فإذا به يحلق نحو الشمس ليعيد مجدا لم ينطفئ منذ أن حلق أول لاعب ارتدى ذلك الشعار الذهبي.