في عطلة الربيع الماضية ذهبت برفقة بعض الأصدقاء في رحلة برية لزيارة إحدى الروضات التي كنت قد اعتدت زيارتها منذ الصغر عندما يصيبها المطر وتكتسي حلتها الخضراء الجميلة. وصلنا الروضة عند الساعة الرابعة عصرا، كان المنظر بديعا خصوصا مع مشاهدة الأزهار الصفراء والبنفسجية وهي تميل للانغلاق وقت الغروب. استمتعنا أيضا بمشاهدة غروب الشمس، وكنا نمني النفس بليلةٍ هادئةٍ تأخذنا بعيدا عن ضوضاء المدينة. لكن حدث ما لم يكن في الحسبان فعند حوالي الساعة العاشرة ليلا انطلقت أصوات أجهزة محاكاة أصوات تزاوج طائر السمان الأمر الذي أزعجنا وجعلنا نغير مكان مبيتنا أكثر من مرة، كان آخرها على بعد عشرات الكيلومترات من الروضة، لكن أين المفر فأجهزة المحاكاة منتشرة في كل حدبٍ وصوب. في صباح تلك الليلة المشؤومة طلبت من بعض الأصدقاء زيارة بعض أولئك الذين نصبوا هذه الأجهزة، وقد صدمنا بالعدد الكبير الذي تم صيده من طائر السمان باستخدام هذه الأجهزة، وكانت المفاجأة أن الكثير من ناصبي هذه الأجهزة لا يصيد هذه الطيور طمعا بلحمها ولكن ليتحدى ويفاخر بها أصحابه «من يصيد أكثر». قمنا بتوعيتهم بأهمية الطيور المهاجرة كونها تعتبر مؤشرا على صحة النظام البيئي وتلعب دورا هاما في عملية التوازن البيئي، فعلى سبيل المثال لا الحصر تساعد الطيور على تنقية المزارع من الحشرات الضارة والقوارض. كما وضحنا لهم أن هذه المخلوقات هي أمم مثل أمة بني البشر لها الحق في الحياة والتكاثر مثلها مثل البشر ومن ذلك قوله تعالى «وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم»، كما تمت توعيتهم بأن ما يقومون به هو صيد واستغلال جائر يجعل من الصعب على هذه الكائنات التكاثر مرة أخرى وعودة أعدادها للوضع الطبيعي مما يعرضها لخطر الانقراض. ولعل أجمل ما في الأمر أننا وجدنا تجاوبا طيبا من الكثير منهم مع الوعد بعدم التكرار مرة أخرى. الكثير من أبناء هذا البلد المعطاء لديهم حس بيئي لكن ينقصهم بعض التوعية، لذا فإنه وبمناسبة اليوم العالمي للطيور المهاجرة والذي أقيم تحت شعار «التعاون من أجل الطيور المهاجرة» أود أن أشيد بالجهود التي تقوم بها الهيئة السعودية للحياة الفطرية لنشر الوعي البيئي بين مختلف فئات المجتمع، حيث تقوم بتنفيذ حملة توعوية هذه الأيام للحد من بعض السلوكيات السلبية كالصيد الجائر لبعض أنواع الحياة الفطرية خارج مواسم الصيد النظامية. د. منيف مهنا الرشيدي أستاذ علم البيئة وحماية الحياة الفطرية المساعد وكيل كلية العلوم للبحث العلمي، جامعة حائل