ألقى المصور الفرنسي تشيكوف مينوزا، البارحة الأولى، محاضرة بعنوان «نجران الذاكرة والعودة»، على مبنى المسرح الروماني في متنزه الملك فهد، تحدث فيها عن بداية زيارته للمنطقة في عام 1978، وقصة تأليفة لكتاب: نجران.. واحة الصحراء. ويكشف في كتابه «نجران روضة الصحراء»، عن مجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية التي التقطها لمنطقة نجران في السبعينبات الميلادية، ويعرض نماذج منها تحكي عن قصة نجران وعراقتها التاريخية والأثرية والسياحية، وعاداتها وتقاليدها القديمة، ونشاطاتها واحتفالاتها وفنونها الشعبية، وصناعاتها المحلية وحرفها اليدوية، و«جميع مظاهر الحياة في نجران»، ويضع أمام القارئ بالكلمة الموجزة، والصورة المعبرة تاريخا حافلا وعريقا لنجران. وجاء الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية في 150 صفحة من الحجم الكبير، وتضمن عدة أبواب، منها: الزراعة وفن العمارة، والفنون والتقاليد، والحياة في الصحراء، ونجران الحديثة. واستطاع المصور الفرنسي على مدى السنوات التي عاشها في نجران أن يجمع في صوره العديد من الانطباعات الذهنية المثيرة؛ لتعطي رؤية ساحرة لمعالم الفن والجمال وتقاليد الماضي العريق، التي تمثل جزءا من تراث أهالي منطقة نجران، ولها قيمة عظيمة تتناقلها الأجيال. فأهالي منطقة نجران شديدو الاهتمام بعاداتهم وتقاليدهم القديمة، يتناقلونها جيلا بعد جيل، ولعل أشهر العادات النجرانية إكرامهم للضيف وتقديمهم يد العون لكل من يقصدهم، ولنشاط أهالي نجران وحماسهم التلقائي أكبر الأثر في احتفاظ هذه المنطقة بأعيادها واحتفالاتها الشعبية التي تعبر عن مظاهر البهجة في مختلف المناسبات «الأعياد والزواج والختان والعودة إلى الوطن»، وهذه التقاليد العريقة تحظى باهتمام أهالي نجران وتدفعهم إلى التعبير عن صدق أحاسيسهم وشعورهم بالجمال وما يتسمون به من غنى حضاري. ويعرض المصور في كتابه «نجران» صورا لمواهب فنية محلية أصيلة تتميز بها منطقة نجران، ومنها صناعة الجنبية، وهي خنجر قصير ذو شكل هلالي يزين مقبضه بالفضة والعاج ويتقلده معظم الرجال حتى اليوم، كما تشتهر نجران بصناعاتها المتقنة للحلي الفضية. وأوضح تشيكوف، في كتابه، أن نجران واحة رائعة وجميلة في قلب الصحراء، وبها مروج خضراء غنية بتعدد المحاصيل الزراعية كالفاصوليا والبطاطا والفجل والقرع واللفت والطماطم والقمح والذرة والشعير، وتنتج نجران أنواعا من الفواكه كالموز والببايا والليمون والتين والتمر والبطيخ، والتربة الغنية التي تنتج المحاصيل الوفيرة في نجران تستخدم أيضا كإحدى مواد البناء الرئيسية في تشييد المنازل ذات الأدوار العالية التي تبنى بخليط من الطين والتبن والجريد، وتعد من أجمل وأروع ضروب الفن المعماري في العالم، ومن هذه المنازل قصر الإمارة الأثري الذي يعد حاليا متحفا يحتفظ بحيويته وأهميته. ويظهر الكتاب صورا لموقع الأخدود الأثري، وهو من أبرز الآثار بالمنطقة، وكانت تقوم عليه مدينة «رقمات» عاصمة نجران القديمة، ويقع على الضفة الجنوبية لوادي نجران، بين قريتي القابل والجربة، والموقع يتمثل في مدينة مركزية يحيط بها سور بطول 235م، وعرض 220م، بنيت أساسات مبانيها من الأحجار المنحوتة بعناية بارتفاعات تتراوح بين 2 و4 أمتار، وتمثل القلعة الفترة الرئيسية للاستيطان في الأخدود. وتؤكد صور مينوزا على حاضر نجران الزاهر، إذ حظيت المنطقة خلال السنوات الماضية بمشاريع إنمائية كبيرة شملت مجمل مناحي الحياة في نهضة تنموية شاملة.