أكد رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق ورئيس حزب الرابطة الإسلامية نواز شريف أنه واثق من فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية التي ستعقد اليوم السبت وإرساء دعائم حكومة منتخبة ديمقراطيا ذات كفاءة عالية تحقق التغيير الحقيقي وتعمل على إرساء قواعد دولة القانون وإنعاش الوضع الاقتصادي المتهالك في باكستان. وأعرب شريف في الحوار الذي أجرته «عكاظ» عشية الانتخابات الباكستانية بمزرعته بمدينة رايواند القريبة من لاهور عن أمله أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، موكدا أن برنامجه الانتخابي ركز على أجندة شاملة تهدف إلى التجديد والتغيير الحقيقي وانتشال باكستان من وضعها الاقتصادي المتهالك وتحقيق العدالة والنزاهة والمساواة المبنية على قاعدة المبادئ الديمقراطية وحكم القانون ومد جسور الصداقة والعلاقات الطيبة مع جميع الدول خاصة المملكة لتصبح العلاقة كشراكة استراتيجية في جميع المجالات. ورفض شريف الحديث عن منافسه عمران خان وإمكانية فوزه في الانتخابات قائلا «ليس مناسبا ومن غير المنصف أن أدلي بأي تعليق على عمران خان». وحول رؤيته لمحاكمة الرئيس السابق مشرف ووضعه رهن الإقامة الجبرية وإن كان ينوي الانتقام منه في حالة وصوله للسلطة قال إن فكرة الانتقام لا توجد لها مكانا في عقليتي ليس فقط ضد مشرف، معلنا أنه عفى عن مشرف الذي سجنه وأسرته عام 1999 بعد الانقلاب على حكومته. وفيما يلي نص الحوار: بداية كيف تقيمون الوضع السياسي السائد في باكستان عشية الانتخابات التي ستعقد اليوم؟. يظل الوضع السياسي الحالي في باكستان واحدا من مصادر القلق ومحاطا بالغموض. ولكنه أيضا تكتنفه عناصر التفاؤل والأمل والتوقعات الإيجابية بمستقبل زاهر. وكما تعلمون أن الانتخابات ستكون أول مناسبة في تاريخ البلاد يتم فيها وفقا للدستور انتقال السلطة من حكومة منتخبة إلى حكومة منتخبة أخرى ولا شك أن تحقيق ذلك فيه سعادة عظيمة وفرحة عارمة وفي نفس الوقت إنها حقيقة ماثلة للعيان أن الأداء المتردي للحكومة السابقة خاصة في ظل تضخم الفساد والافتقار الكامل إلى نظام حكم متعاف إلى الإحباط لدى كثير من الناس. ويجب أن نتذكر أنه ليس علينا فقط عبور الانتخابات وإنما تقع على عاتقنا إرساء دعائم حكومة نظيفة منتخبة ديمقراطيا، ذات كفاءة عالية وذات توجه رفيع تجلب معها المعنى الحقيقي للتغيير في حياة الشعب. ما هي استراتيجيتكم للفوز بالانتخابات؟. بعيدا عن أي استراتيجية تتعلق بالانتخابات فإن ورقتنا الرابحة هي الأداء القوي والصلب والمتماسك لحكومة حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف في إقليم البنجاب، وهذا أمر مشهود له من قبل الهيئات العالمية والمنظمات الدولية وكذلك على مستوى الدول الأجنبية والذين أشاروا إلى أنها لا توجد البتة أي مؤشرات للفساد في أي من المشاريع التي قامت بها حكومة البنجاب، الأمر الذي يبرهن على تنفيذها بكل شفافية. وبناء على هذا الأساس نحن نؤكد على منظومة الحكم النظيف والرشيد إذا ما أتيحت لنا هذه الفرصة وفزنا في الانتخابات. هل ترى بأن الانتخابات ستكون عادلة ونظيفة؟ ومن سيكون الحليف المشارك لك؟. قدمنا ونقدم كل الاحترام والتقدير لقاضي المحكمة العليا المتقاعد والذي تم نعيينه كرئيس مفوض للانتخابات وكذلك للحكومة المؤقتة المسيرة للأعمال والتي يرأسها أيضا أحد القضاة المتقاعدين. ولقد جاء اختياره كمفوض للانتخابات والآخر كرئيس الوزراء نتيجة للتعديل في الدستور ولقد لعب حزبنا دورا بارزا في إجراء هذا التعديل وإننا نؤمن بأن خلق هذين المنصبين جعل كلا التنظيمين ذا ثقة واعتماد وعليه نحن نتطلع إلى انتخابات نظيفة وحرة. وأما بالنسبة لشركاء تحالف فإن الأمر على ما يبدو مازال مبكرا لإصدار أي تعليق عن هذا الموضوع. ما هي النقاط الرئيسية في البرنامج الانتخابي لحزب الرابطة الأسلامية على الصعيدين المحلي والعالمي؟. يركز البرنامج الانتخابي لحزبي على أجندة شاملة تهدف إلى التجديد القومي والتغيير الحقيقي وأنه يطرح أطرا واقعية تهدف إلى انتشال الأمة من الوقوع في الهاوية وسيتم تحقيق ذلك البرنامج الانتخابي عن طريق التطويرين الاقتصادي والاجتماعي وإنهاء معاناة الشعب الباكستاني وخلق الفرص الوظيفية على أساس العدالة والنزاهة والمساواة المبنية على قاعدة المبادئ الديمقراطية وحكم القانون وحيث إن باكستان حاليا تعاني من وطئة النمو القتصادي المتدني وارتفاع حجم التضخم والحكم السياسي الضعيف وازدياد مستوى الفساد فإن أولويات حزبنا ستكون مبنية على إنعاش الاقتصاد في المقام الأول حيث سيتضمن مشروعي التركيز على التغلب على مشكلات الطاقة وإنهاء الانقطاعات الكهربائية وإنعاش الاقتصاد المتهالك. وأما في مجالات العلاقات الدولية فإن حزبنا يؤمن بضرورة مد جسور الصداقة والعلاقات الطيبة مع جميع الدول بصراحة هل تعتبرون عمران خان رئيس حزب الإنصاف الذي تعرض لسقوط مفاجئ من على المنصة منافسا قويا في الانتخابات التي تعقد اليوم؟. قد يكون الأمر غير مناسب أو غير منصف أن أدلي بأي تعليق على عمران خان. ماهو تعليقكم على محاكمة الرئيس السابق مشرف ووضعه رهن الإقامة الجبرية؟ وهل لديكم أي نية في انتقام منه في حالة وصولكم للسلطة باعتباره قاد الانقلاب ضد حكومتكم ووضعكم في السجن؟. دعني أبدأ بالتركيز والتأكيد على أن فكرة الانتقام لا يوجد لها مكان في عقليتي ليس فقط ضد مشرف بل ضد أي إنسان آخر لأن اللجوء للانتقام يخالف فطرتي رغم اختلافي معه في وجهات النظر وأريد أن أعلن عبر صحفيتكم بأنني عفوت عن مشرف رغم كل الآلام والمعاناة التي تسبب فيها لي وتكبدتها أنا وأسرتي بعد الانقلاب على حكومتي ووضعي أنا وأسرتي في السجن. أما بالنسبة لي تصرفاته وأفعاله التي ارتكبها ضد باكستان وبشكل خاص انتهاكاته للدستور فأنا لا أملك حق العفو عنه وهذا الأمر من اختصاصات المحكمة العليا باعتبارها جهة الاختصاص القانوني. هل نتوقع أن تتوسطوا بين الحكومة وحركة طالبان الباكستانية في حالة فوزكم في الانتخابات وتقلدكم السلطة؟. إذا وصلنا إلى السلطة بمشيئة الله تعالى فإنه سيتم النظر في مشكلة التطرف والإرهاب، ليس فقط من حيث الأعراض الظاهرية وإنما دراسة مسبباتها وجذورها، ويؤمن حزبي بضرورة وأهمية عدم وجود مكان للتطرف والميليشيات والإرهاب في باكستان، إن ديننا الحنيف وكل القوانين والأعراف الدولية لا تسمح بالعنف ضد أي كائن من كان، ولذلك فإن حزب الرابطة الإسلامية يرفض تماما جميع أعمال التطرف ويدين الإرهاب بأي شكل من الأشكال وبالرغم من ذلك فإننا نرى أنه ليس من الحكمة مقاومة الإرهاب بالقوة دائما، وإن الوضع يحتاج في بعض الأحيان مزيدا من الروية والحكمة واتخاذ خطوات شمولية ومتكاملة يتأتى من خلالها إيجاد وخلق فرص اقتصادية واجتماعية وتعديلات وتغييرات اجتماعية وإصلاحات إدارية ومبادرات سياسية ومناصحة للحد من هذه الظاهرة من خلال جذورها وإنهاء التهديدات القائمة. كيف تنظرون إلى الدور الذي يلعبه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في إرساء دعائم السلام في المنطقة والعالم؟ وما هي رؤيتكم لمبادرته للانتقال من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد الخليجي؟. في الحقيقة إنني لا أتردد إطلاقا في التصريح بأننا نجد لباكستان مكانة مرموقة في منظومة العلاقات والصلات مع المملكة العربية السعودية وكذلك جميع الملوك السابقين رحمهم الله كان لهم علاقات أخوية مميزة جدا مع باكستان، وأما فيما يتعلق بخادم الحرمين الشريفين فإن له مكانة كبرى ومميزة وعظيمة لدى جميع أفراد الشعب الباكستاني بلا استثناء باعتباره شخصية محبوبة وقفت مع باكستان في أحلك الظروف وأن الشعب الباكستاني لن ينسى تلك المواقف الإنسانية النبيلة مدى الحياة وشخصيا أعتبره قائدا سياسيا محنكا صاحب رؤية استراتيجية ثاقبة وحريصا على حل قضايا الأمة والدفاع عن المقدسات الإسلامية ودعم الحقوق المغتصبة للشعوب الإسلامية والعربية وهو صاحب فضل علي وعلى أسرتي لن أنساه مدى الحياة والمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين تلعب دورا هاما واستراتيجيا في الحفاظ على الأمن والسلام العالميين وهي الداعمة القوية لقضايا الأمة الإسلامية ومساعيها السلمية معروفة وشاهدة على مستوى العالم ويعتبر هذا الدور الطليعي ذا قيمة سياسية عالية لكافة الدول الإسلامية. إن مبادرات الملك عبدالله لتعزيز وتقوية العلاقات بين الدول الخليجية والانتقال لصيغة الاتحاد الخليجي تعتبر خطوة هامة على الطريق الصحيح لأنه كلما تعمقت العلاقات الخليجية الخليجية فإن ذلك سيصب بالتأكيد في مصلحة رفعة ورفاهية المنطقة. كيف ترون مستقبل العلاقات مع المملكة في حالة فوزكم في الانتخابات بالنظر إلى خلفية العلاقات السعودية الباكستانية الضاربة في الجذور والارتباط الاستراتيجي الوثيق مع المملكة؟. إنني سأعمل وبكل جهد ممكن ليس فقط لتمتين هذه العلاقات بل الارتقاء بها وتطويرها وتقويتها على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والفكرية والثقافية واستعادة هذه العلاقات التي مرت بمرحلة البرود خلال الفترة الماضية، وبكل أمانة أقول إننا لا نريد فقط تقوية هذه العلاقات بل ننظر قدما إلى استثمار هذه العلاقات وإيصالها إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الحقيقية التي تخدم مصالح البلدين والأمة الإسلامية. ما هو موقفكم حيال أزمة السورية على ضوء استمرار المجازر ضد الشعب السوري؟. نحن نشعر بحزن وأسى عميقين لما يحدث في سورية من أعمال قتل وتدمير ضد الشعب السوري ونحن نشعر بمرارة ومعاناة وآلام الشعب السوري نظير ما يتعرض له من قتل وهذا يحز في أنفسنا ونحن ندعم إيجاد حلول لهذه الأزمة ونأمل أن يتم الحوار وتبادل الآراء بين ائتلاف المعارضة السورية. إن وحدة وتماسك واستقرار سورية يعد أمرا مهما للاستقرار والسلام في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط. ما هي رؤيتكم في إيجاد حلول القضية الفلسطينية؟. أنا ما زلت داعما ومهتما بالقضية الفلسطينية وحريصا على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني وقد ذكرت ذلك في مناسبات عديدة. لقد عانى الشعب الفلسطيني كثيرا ويتوجب على المجتمع الدولي أن يسعى لتنفيذ قراري مجلس الأمن والأمم المتحدة 224 و338 لكي يتمكن الشعب الفلسطيني من إنهاء الاحتلال الإسرائلي والحصول على الاستقلال وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. المسألة الكشميرية كانت لها أهمية كبرى في أجندتكم عندما كنتم رئيسا للوزراء في السابق، في وجهة نظركم كيف تنظرون لحلها؟. القضية الكشميرية أثرت على العلاقة بين باكستان والهند منذ أن نالت الدولتان استقلاليهما وهذه القضية كانت السببب الرئيسي في أكثر من حرب ومعارك وتوترات بين الدولتين وأرى أن وضع حل لهذه المشكلة يعتبرا أمرا ضر وريا وحاسما بين البلدين بهدف إيجاد السلام الدائم بين البلدين ولقد أوصلت هذا الرأي وأبلغت رئيس الوزراء الهندي السابق فاجبائي عند تسلمه مهام رئاسة الوزراء للمرة الثانية حيث كان حوارنا الشامل مع فاجبائي حول هذا الموضوع إبان زيارته للاهور في فبرائر عام 1999م الأمر الذي أدى إلى صدور إعلان لاهور التاريخي والذي تضمن خارطة الطريق لإيجاد حلول لكل المسائل الخلافية بين البلدين. ماذا عن علاقتكم مع جارتكم الهند؟. الهند دولة جارة لباكستان لها علاقات وارتباطات تاريخية وقد قررت إغلاق باب العداوات وتبادل الاتهامات وأن يتم فتح أبواب جديدة لعلاقات الصداقة بين البلدين بما يتيح الدفع لهذه العلاقات إلى الأمام وتفعيل التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والصناعية والاستثمارية. لقد عانى شعبا البلدين من نتائج السياسات القصيرة النظر التي اتبعت الحكومات السابقة في البلدين وقد حان الوقت بأن يتمكن الشعبان الاستمتاع بمزايا السلام والرفاهية التي ستنجم عن إرساء وشائج علاقات سليمة ومتبادلة بين البلدين. كيف يمكن لكل من باكستانوأفغانستان العمل سويا لمحاربة الإرهاب؟. أود أن ألفت انتباهكم إلى أنني مهتم جدا بالتعامل مع هذه القضية وسبق أن تناولت معالجتي المكثفة مع أفغانستان والمشاكل المتعلقة بها خلال فترة رئاستي للوزراء السابقة وإنني على قناعة بأننا بحاجة إلى منهج شامل متعدد الأوجه لمحاربة الإرهاب في باكستان ويتوجب علينا العمل سويا مع الإخوة في أفغانستان لضمان أهدافنا المشتركة، وفي هذا السياق أود أن أضيف أننا سنمد كافة أوجه جوانب الدعم والمساندة لإجراءات عملية السلام خاصة إذا ما تحصلت على دعم ومساندة الدول الإقليمية والقوى العالمية بالإضافة إلى طرح ضمانات بوقف التدخلات الأجنبية بالشأن الداخلي لهذه الدولة. ما رؤيتكم حيال ما يعرف بالربيع العربي الذي تشهده بعض دول المنطقة وهل تعتقدون أن ربيعا مماثلا أو صيفا ساخنا يطرق أبواب باكستان؟. # ليس من المناسب أن أعلق على الشؤون الداخلية المتعلقة بدول أخرى خاصة تلك الدول التي لها علاقات مميزة مع باكستان. أما ما يخص بالربيع الذي يطرق أبواب باكستان فيمكنني القول بأن باكستان على أعتاب مرحلة جديدة لأول مرة من انتقال السلطة عن طريق انتخابات حرة ونزيهة وعادلة وبفضل الله تعالى فإن باكستان اليوم تعد من الدول الديمقراطية حيث إن الدستور يعتبر القانون الأعلى والمؤسسات القضائية مستقلة وذات مصداقية كما أن الإعلام أصبح ذات فعالية وقوة مستقلة وإن شاء الله إذا انتخبني شعبي في الانتخابات اليوم فإنني سأعمل على تقوية المؤسسات الديمقراطية وضمان الحكم الرشيد وإعطاء وتمكين الشعب من الاستفادة من حكومة ذات فعالية. وأخيرا أريد عبر صحيفتكم المؤقرة أن أنقل تحياتي وتحيات شعبي للشعب السعودي إلى جانب الملايين الباكستانيين الذين يعيشون في المملكة داعيا الله عز وجل أن يوفقهم لما فيه خدمة لباكستان والمملكة.