أصبح المشهد العام في شوارع جازان، تكدس العديد من الأطفال بجوار الإشارات الضوئية إما طلبا للمساعدة أو تحايلا ببيع ما خف ثمنه من مناديل ورقية أو من القماش، أو بمحاولة الحصول على المال بمزاعم تنظيف زجاج السيارة في ثوان لا تتعدى ال45 ثانية. وتبرز الظاهرة على طريق الدغارير، فما أن تعلن الإشارة عن لونها الأحمر حتى يتدافع الأطفال من بين جنبات الأرصفة معلنين تبرعهم بالنظافة على أمل أن يراعي السائق ضميره، فيدفع بالريالات في أيديهم، وتتنتهي المهمة التي لا تستغرق إلا ثواني معدودات، الأمر الذي يشكل تحايلا من نوع خاص، ويمثل ظاهرة غير حضارية في الشوارع. ولا يقتصر الأمر على باعة الغسيل الإجباري، بل هناك النسوة اللاتي يحملن من يدعين أنهم أبناؤهن في محاولة لكسب تعاطف عابري الطريق. وتصبح الكلمة الدارجة على الشفاة ممن امتهنوا التسول: «يا عمي أعطني ريال». في الاتجاه الآخر لا يكف أحد المتسولين الشباب ممن يوهمون الناس بأنهم ضحية لإحدى العاهات، من التدخين فور أن يرى السيارات تبدأ في الرحيل، معلنا على الملأ أنه مدخن لا يعاني من أي عاهة، لكنه التقط الغلة. ويوضح السائق ابراهيم عريبي أن أحد الأطفال المتسولين اعترف له أنه وإخوته الأربعة وأمه يتوزعون على الإشارات يوميا ليجمعوا العشرات من الريالات في ساعات معدودات، في ظل حرص الكثير من الأهالي على الصدقة وعمل الخير. أما ما يقلق السائقين فهم من يوهمونهم ببيع بعض الأغراض واللعب، لأن الدخول معهم في مفاوضات الشراء والبيع ربما يتسبب في كارثة حسب قول عبدالله أحد السائقين: «لأن الزمن لا يكفي لتبادل البضاعة والنقود، فتفتح الإشارة فإما أن تضيع النقود مع البائع الذي لم يملك إعادة الباقي وإما أن تضيع البضاعة مع السائق الذي لم يتمكن من إعطاء البائع الصغير نقوده، وفي كلتا الحالتين يصبح عبور الإشارة أمرا صعبا، والسيارات الخلفية لا ترحم، ويصبح التعرض لحادث مروري أمرا وشيكا في ظل الرغبة في التوقف لإنهاء عملية البيع». ويدعو قائدو المركبات الجهات المختصة إلى حسم باعة التسول لإنهاء هذه الظاهرة التي تشكل خطرا على مرتادي الطريق.