تشهد المنطقة الكائنة في حي المحجر والمقابلة لابتدائية البنات 41 والقريبة من مستشفى الملك عبدالعزيز والمؤدية إلى المنطقة الصناعية وإلى بقية أحياء جنوبي جدة ربكة بصفة يومية نتيجة لتكدس شاحنات النقل الثقيل في منطقة «بيضاء» تجمعهم ينطلقون منها إلى بقية مناطق المملكة. وأجمع أهالي حي غليل الذي تقع فيه البقعة البيضاء التي ترابط فيها الشاحنات أن وجود مركبات النقل الثقيل في هذا الموقع بمثابة صداع يومي وأن الشاحنات تثير الغبار وتسبب ربكة في الحي، معتبرين في نفس الوقت أن سائقي الشاحنات بمثابة غرباء عن الحي ويتوجب إيجاد موقع آخر للتعاقد مع السائقين لنقل البضائع. وأضافوا أنه على الرغم من حرص أمانة جدة وادارة المرور على معالجة الازدحام الذي تشهده حاليا شوارع المحافظة، لا تزال هذه المنطقة تعاني من ازدحام شديد في حركة السير نتيجة وجود سيارات النقل الثقيل التي لم تكتف فقط بحسب قول عمدة حي غليل الشرقي عبدالله صالح الحصيني بإرباك حركة السير بل حتى في إخافة المارة وبالذات سكان المنطقة سواء من تعرضهم وأطفالهم لحوادث الدهس أو لبعض الممارسات الخاطئة التي قد يقدم عليها بعض السائقين. وأضاف العمدة أنه سبق أن كتب عدة مرات للجهات ذات الاختصاص، موضحا لهم خطورة تواجد الشاحنات في هذه البقعة البيضاء بالحي، وضرورة معالجة هذه المشكلة التي تتسبب بصداع مستمر للسكان وتجاوبت تلك الادارات ومنعت دخول السيارات الى المنطقة وأخليت الساحات من سيارات النقل، لكنها عادت ثانية وربما بكثافة كبيرة أكثر مما كانت عليه وواصلت في مطالبتي بمعالجة المشكلة، لكن للأسف لم نجد من يتجاوب معنا والأمل في ان تتحرك هذه الجهات وتتولى تنظيف البقعة البيضاء من الشاحنات. لكن ماذا يقول سائقو الشاحنات و«المخرجون» والمستفيدون من البقعة البيضاء التي تحولت الى مكان لتجمعهم وإلى سوق ومطاعم تمارس البيع وتقديم المأكولات في أجواء غير صحية وبعيدة عن الرقابة. محمد النمكي سائق شاحنة أوضح أن جميع سائقي الشاحنات بمختلف أوزانها وأحجامها يجتمعون في هذا المكان ومنه ينطلقون الى مختلف مدن المملكة محملين بمختلف النقليات من أخشاب أو معدات ثقيلة أو أثاث منزلي، مضيفا انهم كسائقين حياتهم كلها ترحال في ترحال ولا يهمهم المكان، وأهم شيء هو البحث عن الرزق الذي من أجله يتركون أسرهم لعدة أيام. من جهته أوضح محمد حميده سائق شاحنة بقوله «لا أعرف مكانا نجتمع فيه نحن سائقي الشاحنات سوى هذا المكان، فيه ألتقي بزملائي وفيه مكاتب التأجير الخاصة بسيارات النقل الثقيل، فأنا أعمل لدى كفيلي ولدي تفويض منه في التنقل بالشاحنة من مدينة لأخرى وبيننا تنسيق واتصال دائم فكلما ارتحلت الى مدينة تواصلت معه». ويتساءل عبدالحميد عبدالعزيز سائق من عرعر بقوله «إلى أين نذهب هذا المكان هو المخصص لنا كسائقي شاحنات ووجودنا هنا من أجل البحث عن الرزق ومسألة تسببنا في إرباك حركة السير.. سياراتنا بعيدة عن الحي وتقف في ساحة بيضاء وليس أمام المنازل السكنية». ويشاركه عبدالواحد المصري في الحوار قائلا: «لسنا راضين عن معاناتنا وتكفينا الغربة عن أولادنا». أما اشتياق أحمد باكستاني الجنسية فقد روى ما تعرض له ذات مرة عندما اختفت محفظته من جيبه وأخذ يصرخ حرامي، وكان يلتفت هنا وهنا بحثا عن الحرامي المجهول، لكنه وجد نفسه وسط أكوام من البشر لا يعرف من بينهم الشخص الذي تطاول عليه ومد يده داخل جيبه وسرق محفظته بكل ما فيها من مال وهوية ورخصة، مبينا ان عدم شعوره أثناء سرقته يعود الى الازدحام الذي تشهده هذه المنطقة. وفيما نحن نتجول وقفت سيارة على جانب الطريق المزدحم بالسيارات وبعد مفاوضات مع سائق آخر من بني جلدته أمسك القلم ورخصة السائق وقام بتدوين بياناتها في ورقة كانت معه اتضح لنا أنه عقد اتفاقا، وقد برر محمد أيوب ذلك من باب الخدمة للسائق ومستأجر الشاحنة، إضافة الى ان ذلك هو عمل المخرجين كتابة هذه العقود مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 50-100 ريال. وخلال وجودنا في موقع تجمع سائقي الشاحنات لمحنا شابا سعوديا يتنقل من مكان لآخر بحثا عن حملة يسافر بها الى أي مدينة، حيث قال: أشعر وكأني غريب في بلدي، ولم يكتف عيدان عبدالله بهذه الكلمات بل اضاف قائلا: جميع الشاحنات الموجودة هنا تعود ملكيتها الى سائقين غير سعوديين يستأجرون الشاحنات بأسماء مواطنين ويتنقلون بها من مدينة لأخرى ويتقاضون أي مبلغ، فهم غير ملتزمين بأي نفقات أو مصاريف عكسنا نحن لدينا عوائل وأسر وبيوت واحتياجات وساعدهم في ذلك أن مكاتب الدلالين «المخرجين» تتعاون معهم طالما انهم يتقاضون قيمة كتابة العقود التي تتراوح بين 50-200 ريال. ويضيف زميله سعيد الغامدي قائلا: لا نعرف السائقين الموجودين في هذه المنطقة سوى من أصواتهم أثناء تحريجهم بأسماء المدن، ففي هذا المكان لا تعرف السائق من غيره وهذا هو حالنا في معظم مناطق المملكة وكم طالبنا ان تتحسن المواقع التي نجتمع فيها وأن نجد بيئة سليمة وصحية تتوفر فيها كافة الاحتياجات تخفف عنا بعض آلامنا وتنسينا فراق الأهل. علاج السلبيات عبدالله الحارثي صاحب مكتب تخريج أوضح أن البقعة البيضاء مكان لتجمع السائقين بحثا عن رزقهم وسبق وأن علا صوتنا بأهمية تحسين الظروف في هذه الساحة والأمل معقود في الجهات ذات الاختصاص بمعالجة السلبيات الموجودة والمتمثلة في الازدحام وعدم توفر وسائل الراحة للسائقين، مشيرا الى أن دورهم هو المساهمة مع السائقين في نقل البضائع من مدينة لأخرى وتسجيل جميع بيانات السائق في العقود المبرمة للعودة إليها إذا استدعى الأمر.