في ظل الظروف البيئية الصعبة التي يعيشها أهالي تهامة قحطان في مختلف القرى والأودية بدءا من مركز الفرشة 70 كيلو جنوب محافظة ظهران الجنوب، إلى الحدود اليمنية السعودية لمنفذ علب و قبائل هروب والريث، يعاني أهالي المنطقة من نقص كبير في الخدمات الأساسية التي تقدم لهم، وفي مقدمتها الخدمات الصحية، فيما أرجعت الشؤون الصحية في عسير، أسباب عدم وصول الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية في المنطقة إلى سكن الأهالي في أماكن متفرقة، إلى جانب وعورة الطرق وعدم تعبيدها، حيث يتواجد السكان في الأودية وعلى سفوح الجبال، في قرى متعددة في تهامة قحطان. يقول كل من يحيى زاهي ومحمد موسى، إنهم يعيشون في عزلة عن الخدمات والتي أهمها الصحة، إذ أن الكثير من الأمراض تصيبهم، كما أن البعض منها معد وخطير ومنها الكبد الوبائي والأنيمياء المنجلية، والتي تحتاج إلى متابعات مستمرة، مشيرا إلى أنهم يبعدون عن أقرب مركز صحي في فرشة قحطان ما يقارب الساعتين كون الطرق غير معبدة ووعرة ولا تسير فيها سوى مركبات الدفع الرباعي، ويزيد عليه موسى بقوله : «رغم المطالبات المستمرة والمتواصلة لإنشاء مراكز صحية جديدة تخدم المواطنين من الأهالي، إلا أن مطالبنا لم تجد أذنا صاغية»، وأضاف «نحن بدو ولا نستطع العيش بعيدا عن مواشينا وأغنامنا بجانب موارد المياه في الأودية». وقال موسى أن هناك الكثير من الأمراض الوبائية والمعدية منتشرة بين السكان والأهالي في تهامة قحطان وتحتاج إلى لفتة وتحرك سريع من قبل وزارة الصحة، مبينا أنها معدية وتنتشر بين عدد من الأهالي خاصة في تهامة قحطان، لافتا إلى أن السبب يعود لعدم وجود مركز للرعاية الصحية في فرشة قحطان وأما الموجود فخدماته متواضعة جدا، وأضاف، «هناك نقص في الطواقم التمريضية والطبية والأدوية واللقاحات وهذا مما زاد الوضع سوءا في انتشار الأمراض». ويقول أحد المصابين بالمرض الوبائي بفرشة قحطان المواطن عامر سعيد آل سلامة، إنه مصاب بالمرض منذ عام 1422ه، مشيرا إلى أن فرشة تهامة قحطان يبلغ عدد سكانها حوالي 50 ألف نسمة تقريبا إلا أنه يخدمها مركز صحي واحد، وأنه ولا يقدم سوى خدمات إسعافية بسيطة وفي معظم الأحيان، لاتوجد أدوية، أما فيما يخص التحصين ضد الأمراض المعدية، فلايوجد، وأضاف «أنا أحد المرضى أعاني منذ سنوات عدة ولايتم إعطائي أي علاجات في هذا المركز ذات الخدمات المتواضعة كونه لايوجد فيه مختبر لأخذ وفحص العينات» مشيرا إلى أن ذلك السبب المهم في انتشار المرض بين السكان والأهالي، وانتقاله من شخص لآخر. ويبين كل من سعد عبصان محمد ومحمد موسى آل معيف، ممن يعانون من عدوى فيروس الوباء الكبدي المعدي، أن المرض منتشر في الفرشة وعدة قرى أخرى في تهامة قحطان في وادي الحياة وخشم أنقار ووادي ذبح وحبرة ووادي سريان واللجة، مشيرين إلى أنه في تزايد مستمر مرجعين السبب إلى نقص الخدمات الصحية وفرق الرقابة الميدانية المتنقلة والتي من المفترض أن تتنقل بين سكان هذه القرى والأودية بشكل دوري لاخذ عينات الدم من الأسر والأطفال، ومتابعة الحالات الوبائية والأمراض المعدية والخطيرة قبل انتشارها وعلاجها متى ما تعثر إنشاء وإقامة مرافق طبية ومراكز صحية تخدم هؤلاء المواطنين بشكل مستمر، مشيرين إلى أن معظم السكان في تهامة قحطان بدو والكثير منهم أميون لايقرؤون ولايكتبون، وتنقصهم الثقافة والتوعية بعدة أمراض قد تقتلهم. وطالب الجميع بتدخل الجهات ذات العلاقة في صحة عسير بضرورة توفير الخدمات الصحية والنقص في الأدوية وتجهيز المختبرات وبناء المراكز الصحية الجديدة كون معظم السكان هجر ديرته ومسقط رأسه إلى المدن والمحافظات بحثا عن الخدمات ومن أهمها العلاج، موضحين أن السكان ليس لديهم وسيلة معيشة سوى رعي المواشي والأغنام في تهامة قحطان وأوديتها والتي هي عرضة للأمراض والأوبئة المعدية، كاشفين عن ظهور 25 حالة في مركز الفرشة والبقعة والغايل، والتي أصبحت تهدد حياة السكان. من جهته أوضح مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة عسير الدكتور إبراهيم الحفظي، أن تمسك السكان والأهالي بالعيش في مواقع مختلفة من تهامة قحطان في الأودية والشعاب وفي سفوح الجبال وبشكل فردي أو في مجموعات بسيطة وقليلة هو السبب المباشر في حرمانهم الكثير من الخدمات ومنها الصحية كون المراكز الصحية في تهامة قحطان تقام وفق معايير معينة حسب كثافة السكان، وأضاف «نحن في صحة عسير نواجه مشاكل وعوائق كبيرة في تقديم الخدمات الصحية إلى كل منزل في كل واد وسفح جبل وشعب من تهامة قحطان والتي هي مساحات شاسعة و تقع ضمن الحدود الإدارية لمنطقة عسير، حيث إنه يصعب الوصول للسكان في وقت الأمطار الغزيرة والسيول، حيث نضطر إلى الوصول لبعض المواطنين وتقديم الخدمات الصحية والعلاجية لهم في مواقعهم عبر طائرات الإغاثه التابعة للأمن العام، ونقل الحالات المرضية المتأزمة إلى المستشفيات. وقال الحفظي، إن هناك فرقة من الأطباء والممرضين يقومون بجولات ميدانية وقت حملات التطعيم للأطفال والكشف والرفع بأي حالات وبائية وأمراض معدية قد يتم كشفها لمتابعتها في مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات المتخصصة في المنطقة، حيثر يتم توفير كافة العقاقير والأدوية اللازمة حسب الأمراض المزمنة والمنتشرة بين السكان وحسب الحاجة. استقصاء وبائي إلى ذلك أوضح الناطق الإعلامي لصحة عسير سعيد النقير، أنه تم تكليف فريق طبي من قطاع ظهران الجنوب للوقوف على الوضع الصحي بمركز الغايل، حيث تم حصر جميع المخالطين، مبينا أن الفريق الطبي أخذ العينات من المشتبه بإصابتهم بمرض «الالتهاب الكبدي»، لمعرفة مدى انتشار المرض بنطاق خدمات المركز، كما تم عمل استقصاء وبائي وتحويل الحالات المشتبه بها لمستشفى ظهران الجنوب، مع تكثيف التوعية الصحية والتعريف بالمرض وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه.