يحارب أهالي تهامة قحطان مرض «السلال» الذي فتك بقطعان الماشية منذ عدة سنوات، والذي تسبب في نقص المعروض وبالتالي ارتفاع الأسعار. وحتى الآن، تقدر ضحايا مرض «السلال» من المواشي بالآلاف، ونادراً ما ينجو أي منها بعد إصابته بهذا المرض، الذي يبدأ بواحدة ويقضي على القطيع كاملاً، وفي بعض الأحيان يُبقي أعداداً قليلة معلولة. ووصف شيخ أهل البلاد في مركز الفرشة الشيخ سعيد قطيم، المرض بأنه أخطر مرض مر على تهامة منذ عقود، مشيراً إلى أنه تسبب في نقص حاد في أعداد المواشي ولم ينفع معه أي لقاح أو تطعيم أو علاج حتى الآن. وطالب وزارة الزراعة بتشكيل لجنة متخصصة للنظر في المرض ووضع حلول جذرية له للمحافظة على الثروة الحيوانية التي يعتمد عليها أهل تهامة لمصارعة تكاليف المعيشة. وقال إن أقرب فرع للزراعة يبعد عن تهامة أكثر من سبعين كيلومتراً، الأمر الذي يجعل من مراجعة الزراعة أمراً صعباً، مشدداً على أهمية استحداث فرع للزراعة في مركز الفرشة لتوفير الوقت والجهد على ملاك الماشية. من جانبه، قال محمد يحيى فرحان، من أهالي البلاد، نعاني من هذا المرض منذ عدة أعوام ومازال مستمراً في حصاده الرؤوس. واصطحب الفرحان «الشرق» في جولة في حظيرة أغنامه التي لم يُبقِ منها سوى 55 رأساً بعد أن كانت تلامس حد ال500 رأس. وقال إن المرض إذا أصاب رأساً فإن العدوى تنتقل إلى البقية وتصدِّره إلى الأغنام التي تخالطها في المراعي، مشيراً إلى أنه نادراً ما تسلم الرأس المصابة بالمرض. وأكد عدم جدوى عزل القطعان المصابة عن السليمة لأن الجميع يرسل أغنامه للمراعي للتخفيف من أعباء مصاريف الأعلاف والشعير في ظل الغلاء الذي نعيشه الذي تسبب في عزوف كثير من أهل تهامة عن تربية المواشي. ونفى مدير عام شؤون الزراعة في منطقة عسير المهندس فهد الفرطيش، في تصريح ل»الشرق»، أن يكون المرض وبائياً، مشيراً إلى أن السبب في انتقال العدوى يعود إلى عدم التحصين والتطعيم، مبدياً أسفه لتجاهل أصحاب المواشي في القرى البعيدة للتحصين. وأوضح أن مرض السلال والتسمم الدموي من الأمراض الموسمية التي تظهر خلال الفترات الانتقالية بين فصلي الصيف والشتاء. ولفت إلى أن هناك وحدات بيطرية وخطاً ساخناً على مدار الساعة لتلقي البلاغات والتعامل معها، فضلاً عن التنسيق المستمر بين مراكز الإمارة في أنحاء المنطقة للتعامل مع الحالات، حيث يتم الانتقال السريع إلى الموقع عن طريق طبيبين يعملان في ساعات خارج الدوام مع وجود أطباء ومساعدين يعملون في وحدات بيطرية منتشرة في كل المحافظات والمراكز. وبيّن أن علاج الحالات المرضية متاح، وتؤمّنه «الزراعة» بالمجان. وشدد على أهمية توفر الوعي، لدى أصحاب المواشي، بالتحصينات واللقاحات التي تمنع وبشكل قاطع انتشار هذه الأمراض. وقدّر مدير فرع الزراعة في سراة عبيدة سعيد مسفر القحطاني، الثروة الحيوانية في تهامة بنحو سبعة ملايين رأس، وأكد أن وزارة الزراعة توفر اللقاحات والتطعيمات، مبيناً أن أكثر من ٪80 من اللقاحات والتطعيمات والجولات الميدانية تكون من نصيب أهل تهامة. لكنه ألقى باللائمة على عدم تعاون المواطنين في الانتظام في التطعيمات واللقاحات المستمرة، فضلاً عن عدم عزل الأغنام المريضة في أماكن بعيدة عن القطعان السليمة حتى لا تنتشر العدوى فيما بينها. وقال القحطاني ل»الشرق» إن تهريب بعضهم الحيوانات المريضة وغير المحصنة، القادمة من اليمن، تلعب دوراً مهماً في انتشار المرض. وحذر القحطاني من التعامل مع مهربي الأغنام مهما كان ثمنها مغرياً للحفاظ على الثروة الحيوانية ومحاربة المرض. وقال إن اللقاحات والتطعيمات تصرف لمحافظة سراة عبيدة وضواحيها بصفة مستمرة ومنتظمة، الأمر الذي أسهم في الحد من انتشار المرض، مثمناً وعي وتعاون المواطنين هناك مع الزراعة.