حينما يأتي ذكر أحياء شمالي جدة، فإن بورصة الذهن ترسم صورة بانورامية لهذه المواقع من حيث الخدمات والمشاريع التي ينطلق حراكها بصورة حثيثة، غير أن هذه الصورة الافتراضية سرعان ما تتلاشى حينما تطأ أقدام الإنسان شوارع الأحياء الشمالية لعروس البحر الأحمر، وتصبح أكثر قتامة كلما توغلت الخطى في الشوارع الخلفية. وأوضح عدد من سكان شمالي جدة أن الصورة التي يرسمها البعض للخدمات في هذه الأحياء مبالغ فيها، لافتين إلى أن هناك مدارس مستأجرة ومجمعات صحية متعثرة، فضلا عن قائمة طويلة من الخدمات ما زالت في رحم الغيب، وأن الصورة البديعة لهذه الأحياء مغلوطة تماما، وأغلب المخططات تفتقر إلى السفلتة والخدمات العامة، وبعد أن سمع أهالي هذه المخططات الكثير من الوعود، لكنها حسب وصفهم ذهبت أدراج الرياح، ومن ضمنها السفلتة وخدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية، حيث ما زال مستشفى شمال جدة قيد التشغيل. وأضاف الأهالي أن هذه الأحياء كانت بمثابة بارقة أمل بالنسبة لهم، حيث إن بعضها جاء في إطار المنح، ورغم أن بعض المنازل صرف عليها أصحابها الملايين غير أن غياب الخدمات أدى إلى هروب المستأجرين. وبين الأهالي أن بعض أصحاب البيوت تركوها حتى يتم توصيل الخدمات إليها. «عكاظ» تجولت في عدد من أحياء شمالي جدة مثل الرحيلي والبشائر وطيبة والمخططات المجاورة لها الحمدانية والماجد والصالحية والمنار، وكشفت الكاميرا غياب الكثير من الخدمات، فضلا عن المشاريع المتعثرة. في البداية يروي محمد المطيري معاناته بعد شرائه قطعة أرض في مخطط الحمدانية، وقال «قمت بالبناء على أمل أن تصل الخدمات العامة في أقرب وقت، ولكن ظل الأمر على ما هو عليه، إذ أنني وسكان الحي نضطر إلى جلب صهاريج المياه بمبلغ يفوق 350 ريالا للرد الواحد، فضلا عن رفض سائقي الصهاريج الذهاب إلى الحي بحجة بعده عن الأشياب». في جانب آخر من المخطط يروي صالح الزهراني أن إحدى الشركات جاءت قبل ثلاثة أشهر بقصد السفلتة وبعد أن بدأت المعدات في العمل بالطريق تمهيدا للسفلتة إلا أنها سرعان ما هربت وسحبت كافة المعدات الخاصة بها، دون سابق إنذار. وأضاف أن الأهالي بادروا بتغطية الحفر التي تركها المقاول بعبوات العصير حتى لا تؤثر على إطارات السيارات. وفي نفس السياق اشتكى عدد من أهالي الأحياء الشمالية من غياب المدارس عن المخططات الواقعة شمال الرحيلي، مؤكدين أن المنطقة بها كثافة سكانية كبيرة . وأضافوا أن المدارس في هذه الأحياء مستأجرة وليست بها وسائل وآليات السلامة، بينما مجمع مدارس الحمدانية ما زال متعثرا، وهو الأمر الذي أصابهم بالإحباط، بحسب قولهم، مؤكدين في نفس الوقت أن بعض المدارس تحولت إلى دوامين نظرا لضيق المساحات. من جهته تساءل سعيد الغامدي عن موعد تشغيل مستشفى شمال جدة، والذي أضناه طول الانتظار كما أضنى الأهالي والذين يقطعون عشرات الكيلو مترات إلى أقرب مستشفى حكومي لهم، وقال «أتمنى النظر إلينا بعين الاهتمام، فهناك كثافة سكانية في مخططات شمالي جدة وتحتاج إلى تشغيل المستشفى في أقرب وقت، حيث سيغنينا تشغيل هذا المرفق الطبي عن قطع المسافات الطويلة إلى داخل البلد، وسيخفف الضغط على المستشفيات الحكومية الأخرى». «عكاظ» أجرت اتصالا بالدكتور عبدالعزيز النهاري، المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة، فأوضح أن مخططات شمالي جدة مشمولة بمشروع السفلتة وستحدد من ميزانية هذا العام، وهي من المخططات التي تقع تحت بند اهتمام أمانة محافظة جدة، مؤكدا أن مشروع السفلتة سيجري تنفيذه بعد ترسيته على أحد المقاولين. وفي تصريح سابق نشر في «عكاظ»، ذكرت وزارة التربية والتعليم أن المجمع المتواجد في حي طيبة «الرحيلي» سابقا متعثر منذ ستة أشهر لتباطؤ المقاول، وقد قامت الوزارة باتخاذ اللازم ضده وسحب المشروع منه. مجمع متكامل الشؤون الصحية بجدة أوضحت أنه سيتم خلال الأشهر المقبلة افتتاح مستشفى شمال جدة، لافتة إلى أن المستشفى الآن في مراحله التجهيزية والتأثيثية الأخيرة بما في ذلك استقطاب الكوادر الطبية والإدارية، علما أن المستشفى أطلق عليه اسم مجمع الملك عبدالله الطبي بجدة قبل ثلاثة أشهر، وتبلغ طاقته 1100 سرير وهو بمثابة مجمع طبي متكامل.