فتح التحقيق الموسع الذي أجرته «عكاظ» حول الجامعات الوهمية وشهاداتها المختلفة محاور كثيرة في الملف الحساس، كما فتح سيلا من الأسئلة والاستفهامات حول حقيقة بعض الجامعات التي تتخذ، كما يقول أصحابها، من الولاياتالمتحدةالأمريكية مقرا لها.. ومن مزاعم تلك الجامعات قولها إنها تصدق شهاداتها وتوثقها من السفارة السعودية هناك. لم يهدأ لنا بال حتى نتوصل إلى إفادة من الملحقية السعودية في واشنطن عن حقيقة ما تدعيه بعض الجامعات غير المعتمدة في قوائم التعليم العالي بأنها تقدم خدمات (التصديق) على الشهادات. كما أن الحقائق التي جمعتها «عكاظ» عن الجامعات (الوهمية) أشعلت الحماس لكشف المزيد من الحقائق وتأكيدها من المسؤولين مباشرة حتى تصل رسالتنا صحيحة وكاملة نحو الهدف والإجابة على عشرات الأسئلة المفتوحة في أذهان القراء والمهتمين بهذه القضية الشائكة. الملحق الثقافي في سفارتنا في الولاياتالمتحدة الدكتور محمد بن عبدالله العيسى تجاوب مع هاتف «عكاظ» بسعة صدره وبرحابته المعهودة، وتحدث بكل شفافية ومصداقية حول قضية الشهادات الوهمية على وجه التحديد.. فإلى ملخص الحوار: • أنتم على علم بما أثير في الآونة الأخيرة حول الجامعات (الوهمية) وتسليط الضوء على هذه القضية في وسائل الإعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات الإلكترونية، هل بالفعل توجد جامعات (وهمية) أم أنها مجرد جامعات (تعليم عن بعد) غير معترف بها أكاديميا من وزارة التعليم العالي لعدم استيفائها معايير الجودة المطلوبة من الوزارة؟
نحن على علم بما أثير حول هذه القضية ونتابع تطوراتها، ولا شك لدي أنه بالفعل توجد جامعات (وهمية) منتشرة في الولاياتالمتحدة ومقراتها عبارة عن مجرد عناوين لصناديق بريدية داخل المدن الأمريكية ونجهل مصادرها الحقيقية والقائمين عليها، التي قد تكون على أغلب الظن خارجية وليست داخل الولاياتالمتحدة، وهذه النوعية من الجامعات ليست وليدة اللحظة بل ظلت تمارس هذه الأنشطة المشبوهة منذ سنوات عديدة. وقبل دخول وسائل التواصل عبر شبكات الإنترنت كانت الجامعات (الوهمية) تتواصل بالمراسلات البريدية وعبر الفاكس. ونحن بدورنا نحذر الطلاب من الوقوع في شراكها، لأنها في أغلب الظن تمارس النصب والاحتيال على الطلاب. وبالتأكيد هناك فوارق ندركها بين جامعات التعليم عن بعد والجامعات الوهمية التي ليست بها دراسة في أغلب الأحيان ومع ذلك أيضا هناك جامعات بها تعليم عن بعد وتدور حولها شكوك كثيرة عن طريقة التعليم فيها وآليات التقييم والاختبارات.
• وهل لكم أن تذكروا لنا بعض أسماء هذه الجامعات الوهمية؟
الأسماء كثيرة ولا تستحضرني جميعها الآن، ولكن من أشهرها جامعات كولومبوس وبلفورد وآشوود، كثيرا ما يتم تداول أسماء هذه الجامعات وهي فعلا وهمية.
• تداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورة ضوئية من وثيقة عن قائمة بأسماء الجامعات الوهمية في الولاياتالمتحدة وأشير إلى أنها صادرة عن وزارة التعليم العالي، هل حددت الوزارة بالفعل قائمة بأسماء تلك الجامعات؟
لا علم لي بهذه الوثيقة ولم أقرأ شيئا من هذا القبيل. حتى إن كانت هناك قوائم رسمية صادرة عن الوزارة أنا لست مع الخوض كثيرا في البحث والتقصي عن هذه الجامعات ولفت النظر نحوها. ونحن نركز على تحديد الجامعات التي توصي بها وزارة التعليم العالي. أكاذيب التوثيق في السفارة • تزعم بعض الجامعات التي ثبت لدينا أنها وهمية بأنها تقدم خدمة (تصديق) الشهادات الصادرة عنها من السفارة السعودية في واشنطن وتفرض رسوما مالية للتصديق تضاهي قيمة الشهادة الجامعية بحسب التحقيق الاستقصائي الذي أجرته «عكاظ» مؤخرا.. ولدى الصحيفة صور وتسجيلات صوتية وثقنا من خلالها تلك العروض، ما هو رأيكم حيال ذلك؟ السفارة السعودية في واشنطن منذ قرابة أربعة أعوام لا تصادق على الشهادات الجامعية، حيث إن وزارة التعليم العالي أصدرت قرارا باقتصار تصديق الشهادات الجامعية على الملحقيات الثقافية وقمنا بتعميم القرار منذ أربع سنوات تقريبا، والاحتمال الأكبر أن هذه الجامعات الوهمية تقوم بعمليات تزوير وفبركة للتصديق والتحايل على الطالب. أما بالنسبة للملحقية الثقافية في واشنطن، ومنذ أن عينت ملحقا ثقافيا قبل ست سنوات لا نصادق على هذه الشهادات نهائيا، وهذا لا يمنع من أن أطلب منكم أن تسلمونا ما تم رصده في التحقيق الذي أجريتموه وأي عروض من هذا القبيل تقدمها هذه الجامعات الوهمية للتحقق في الأمر، ولكن على الأرجح هي مجرد عروض (وهمية) وعمليات احتيال نحذر منها.
• هل وصلتكم شكاوى من طلاب سعوديين عن وقوعهم ضحايا لعمليات نصب واحتيال قامت بها جامعات (وهمية)؟
نعم توجد كثير من الحالات، ومنهم من توجه إلى مقاضاة تلك الجامعات هنا في الولاياتالمتحدة.
• يلاحظ أن الكثير من الجامعات الوهمية تشير على مواقعها الإلكترونية إلى حصولها على اعتمادات أكاديمية مرموقة. وبعد مراجعة مسميات الاعتمادات اكتشفنا أنها مفبركة ولا وجود لها، بالإضافة إلى أن لدينا بعض الشواهد التي تدل على أن مجموعة كبيرة من الجامعات المذكورة تنتمي إلى جهة واحدة، هل لديك تعليق حول هذا الأمر؟ هذه الجامعات تنتهج طرقا متعددة لإيهام الطالب بأنها حقيقية وتدعي التميز أيضا، ومنها جامعات تشير إلى حصولها على اعتمادات أكاديمية بمسميات منمقة ليست حقيقية، كما أن لدي نفس الشعور بأن بعض هذه الجامعات هي مجرد مسميات مختلفة ترتبط بجهة واحدة تديرها. والمهم من كل هذا نخلص الى التحذير من مغبة الوقوع في شراك هذه الجامعات الوهمية. • نعتذر على الإطالة في المكالمة، هل لديك إضافة تود أن تذكرها في ما يخص قضية الجامعات الوهمية؟ أنا مسرور وسعيد لإعدادكم تحقيقا عن هذه الجامعات الوهمية وكشف الحقائق حولها وأشد على أيديكم وأساندكم في هذا الأمر؛ لأن هذا هو الدور الذي نتمناه من الصحافة دائما؛ وهو توعية القارئ وتثقيفه بالمعلومات الصحيحة، وهذا الأمر يتطلب جهدا مضاعفا من القائمين على هذا النوع من التحقيقات، ومسؤولية التوعية مشتركة بيننا.