تجاوزت عقارب الساعة تلك النظرة القاصرة، فعملهن يعد بمثابة رفع شارة التحدي في وجه كل من يسمونه بأنه خارج عن العرف ومتجاوز للتقاليد، لدرجة العزوف عن الارتباط بل وتجنب الاختلاط بهن، الأمر الذي يجعل بعضهن يبتعدن عن مهنة يطلق على ممارسيها في مجتمعات أ خرى ملائكة الرحمة. الممرضات السعوديات في الحدود الشمالية، يواجهن نظرة المجتمع السلبية، بعدما جاهدن لتعديل دفة المسار لصالحهن، إلا أن الظروف العملية والمجتمعية مازالت تحول بين إثبات وجودهن، وتصدر أماكنهم الطبيعية بالشكل المأمول، فعملهن يضعهن بين مطرقة النجاح في العمل وسندان الحياة الأسرية. أوضحت نورة الشمري أن نظام الشفتات (مناوبة ساعات العمل بين الليل والنهار) مازال هو المؤرق الأساسي لممرضات المنطقة، ويشكل هاجسا لا سيما للممرضات المتزوجات اللاتي ينتابهن القلق على مستقبلهن وحياتهن الأسرية، إلى أن غدت كل ممرضة مرتبطة تعاني الأمرين ما بين الضغوطات العملية والأسرية. وتؤكد سعاد الرويلي بأنها تقبلت نظام «الشفتات» في بادئ الأمر كونها لم تكن متزوجة، وظلت على هذا الحال لأكثر من عامين، إلى أن ارتبطت قبل فترة، فبدأت معاناتها وتقول عن تجربتها: لم أكن أتصور أن يأتي وقت لا أرى زوجي في اليوم إلا ساعات قليلة، فأغلب الوقت أقضيه في العمل، فيما يظل هو في البيت، وحين أعود صباحا يستعد للخروج لعمله، كونه عسكريا، وعلى هذا المنوال، ولو لم تكن هناك إجازة يوم الجمعة لكان الوضع سيئا جدا، مؤكدة أن خلافات كثيرة نشبت بسبب هذا العمل، مشيرة إلى أنها تعمل في قسم نسائي (نساء وولادة)، بناء على رغبة زوجها، وتناشد الرويلي مسؤولي الصحة بإعفاء الممرضات السعوديات لاسيما المتزوجات من الشفتات الليلية. وتصف الممرضة حصة العنزي نظام الشفتات بالكابوس الذي يلاحق الممرضات، فيما تقترح اقتصاره على الممرضات الأجنبيات، حيث لا تتشابه ظروفهن الأسرية مع ظروف السعوديات، لافتة إلى أن المجتمع لا يتقبل عمل الممرضات بالشكل المطلوب، فكيف يتقبل العمل المسائي، مضيفة: لست متزوجة، كنت أنظر إلى دوام الشفتات نظرة إيجابية، سرعان ما تحولت إلى كابوس بعدما سمعت من زميلاتي عن قصص الطلاق، والمشكلات الزوجية بسبب الشفتات. وترى حصة أنه من غير اللائق أن تكون الممرضة متزوجة وتخرج من بيتها ليلا للعمل، تاركة زوجها وأطفالها، حيث لا يتفق ذلك مع عاداتنا وتقاليدنا، واختتمت قائلة: أموت ولا أعمل في الشفت المسائي. ولم تخف الممرضة فاطمة فهد تخوفها على حياتها الأسرية خاصة في حالة الإنجاب، رغم تفهم زوجها حسب تعبيرها فيما يظل هاجسها ما حدث لإحدى زميلاتها حيث طلقت بسبب غيرة زوجها، رغم أنها طالبت إدارة المستشفى بتخصيص عملها في أوقات النهار، إلا أن طلبها قوبل بالرفض بحجة عدم توفر بديلات، ما أجج الخلاف بينها وزوجها انتهت بالانفصال، رغم أن لديهما طفلة لم تتجاوز العامين، في الوقت الذي عرضت على زوجها أن تترك العمل، غير أنه رفض بحجة ضيق ذات اليد، وترى الممرضة ماجدة العنزي ضرورة مراعاة ظروف المتزوجات والأمهات من الممرضات، فالعمل المسائي متعب نفسيا قبل أن يكون بدنيا. متمنية أن يعاد النظر في نظام الشفتات، بإيجاد حلول بديلة، كمناوبة ممرضة أجنبية أو سعودية غير مرتبطة، على أن تطلب في حالة الطوارئ فقط، مقترحة أن تكون آخر مناوبة لها الساعة 8 مساء كحد أقصى. وتعتقد أم ربى الممرضة في مستشفى عرعر المركزي أن عملها أفسد عليها حياتها الأسرية، حيث طلقت من زوجها بعد سلسلة مشكلات تتعلق بعملها واهتمامها به على حساب أسرتها، وتضيف: طالبت إدارة المستشفى بإعفائي من المناوبات الليلية أسوة ببعض الزميلات، كوني مسؤولة عن زوج وأسرة، ولكني لم أجد آذانا صاغية. وتعتقد نوال الممرضة في مستوصف أهلي، أن المشكلة الأساسية التي تواجهها هي وسيلة النقل فأغلب العاملات في القطاع الطبي لا يملكن ما يكفي من المال لاستقدام سائق خاص.من جهته أوضح ل «عكاظ» مصدر طبي في مستشفى الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد أن لا اتجاه مطلقا في تخصيص الشفتات المسائية للأجنبيات دون السعوديات، لافتا إلى أن طبيعة العمل الطبي تفرض على كل العاملين من أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات العمل على مدار الساعة وبنظام الشفتات (المناوبات). وفي الوقت الذي اعترف فيه بوجود بعض الإشكاليات بسبب طبيعة العمل، أكد على استحالة إغلاق المستشفيات في المساء لعدم وجود ممرضات، مشيرا إلى أن من يرغب في الالتحاق بالعمل الصحي كواحد من المجالات التي تعمل على مدار الساعة عليه أن يقبل باشتراطاته، لافتا إلى أن عمل الممرضات الأجنبيات بكل فئاتهم يعد عملا مؤقتا، فالمستقبل للممرضات السعوديات اللاتي سيتولين مهام مسؤولية التمريض كاملة عاجلا أو آجلا. التقاليد تمنعنا ترى الممرضات أن العمل المسائي تحول إلى كابوس بعدما عانت زميلاتهن من المشكلات الزوجية التي انتهت بالطلاق، فيما يؤكدن أنه من غير اللائق أن تكون الممرضة متزوجة وتخرج من بيتها ليلا للعمل، تاركة زوجها وأطفالها، حيث إن ذلك لا يتفق مع عادات وتقاليد مجتمعنا.