في الغالب لا يأتي النجاح على طبق من ذهب أو بين عشية وضحاها لا يكون التفوق صدفة أو ضربة حظ كما لا يكون السير على طريق تحقيق الذات وقتا مزيفا أو اتجاها عشوائيا وإنما مغامرة محسوبة بإحساس إبداعي لصياغة تجربة عطاء مميزة. ..جمعان عبدالله العويفي أراد أن يكون أحد هؤلاء الذين اختطوا لأنفسهم صنع تجربة منمقة بالانتماء المهذب والنجاحات المشرفة كرجل أعمال تمكن من خوض غمار معركته الفاصلة، مؤكدا جدارته في الانفراد بتجربة ذاتية واحترافية وضعت اسمه في موقع بارز من سجل مجتمع الأعمال بالباحة.. يصف جمعان العويفي نشأته بأنها كانت أقل من عادية لبساطة مفرداتها واحتوائها على قدر هائل من التفاصيل المدهشة التي ظلت عالقة في ركن قصي من ذاكرته كحالة وجدانية عصية على النسيان ولا يستطيع الزمن أن يمحوها رغم تحولاته الكثيفة. في كنف والده، رحمه الله، كانت نشأته هو وأشقاؤه، وكانت أيامه الخوالي شديدة الخصوصية ككل جيله الذي تمرس على شظف العيش وجميل الانتماء وحراك اجتماعي موسوم بحب المكان وروعة القيم. ففي صباه أخذ من والده الكثير من ملامح العطاء ونسق الحياة الكريمة المطبوعة بالفضائل وخدمة الناس والعصامية كلبنة أساسية في صرح التفوق. زرع والده في دواخله ثقته بالله عز وجل، وحسن الظن بالناس، والتعامل بالفطرة النقية، ويعتبر العويفي نفسه من الجيل الأكثر حظا بعد أن عاش طفولة مسيجة بالبهاء والصفاء وخلود الأعراف السامية والتقاليد الرصينة المستمدة من الشرع الحنيف والقيم الأصيلة. لا تغيب عن العويفي نداوة العشب وخصب الأودية وشيوع الشجر ومنظر المنازل الحجرية القديمة في بلدته الزرقاء إحدى ضواحي مدينة الباحة، وكيف كان الصباح يرسل ضياءه على المصاطب الزراعية المزدانة بالحقول الخضراء، وأنه مع مجموعة من أقرانه كانوا ينفقون كل طاقتهم في عشق الطبيعة والانطلاق في فضائها الموشح بالجمال.. مارس جمعان العويفي حقه في التعليم فنال قسطا مناسبا منه بتحفيز من والده وأسرته وكان وهو ملازما لفصول الدراسة لا يتوانى عن القيام بواجباته اليومية في خدمة أسرته والعمل في رعي الأغنام والحصاد.. وقليلا من النشاط التجاري. وبعد أن أكمل دراسته عمل معلما في إحدى المدارس الابتدائية لمدة 11 عاما، ثم جاءت نقطة التحول عندما فاتحه أخواه الشيخ أحمد العويفي والشيخ سعد العويفي لافتين انتباهه لمهمة أخرى تقف بانتظاره، ووظيفة تتحرى الأخذ بيده لأفاق جديدة من العطاء الإنساني فوافق على الفور لاسيما أن العرض كان محسوبا بأكثر من هدف ولأكثر من غاية تتعدى أطر الربحية والمنافع المادية لما هو أعمق وأشمل. بدأ عمله التجاري بعد استقالته من عمله بالتدريس بتشييد مخبر حديث وبقالة صغيرة وفي نفس الوقت مزاولته العمل في مشروعات أخيه الشيخ أحمد العويفي وأهمها تشييد فندق قصر الباحة والذي يعد من المشروعات الحضارية والتنموية بالمنطقة ويعتبر أحد المعالم السياحية بمنطقة الباحة، وتزامن مع تلك الفترة قيامه ببناء مبنى كبير كان من أجمل المباني حينها وتم استغلاله كمقر لإحدى الإدارات الحكومية بالمنطقة. توسعت أنشطة العويفي وبانتقائية شديدة اختار لنفسه أن يكون مساهما في دفع عجلة السياحة بالمنطقة لقناعته الشخصية بأن العمل التجاري لابد وأن يوظف لتفريغ طاقة بناءة وإيجابية تتعدى المصلحة الشخصية إلى المصلحة العامة وتتجاوز بمفهومها الواسع الأطر العشوائية إلى الأطر المدروسة بعناية وفكر خلاق. فأسس وكالة للسفر والسياحة والشحن الجوي، ثم منتزها سياحيا في قطاع تهامة، ويحتوي على ملاه ومطاعم وجلسات وفلل وقاعات للمناسبات، وأخذ اسميهما من اسم جبل شهير «جبل نيس» في تهامة الباحة. ويرى العويفي أن ثمة علاقة تجمع بين نيس السفر ونيس المنتزه، فالأول يقع في حيز مكاني ذي صلة بالصيف وعبيره الفواح في المرتفعات، وكأنه يختص بخدمة منتقاة لرفد المصطافين لعوالم من السحر والدهشة في أجمل مواسم الباحة، أما الآخر فهو يستريح على أرض سهل تهامة المعروفة بربيعها الدفاق بالحيوية وبديع المنظر.