ترك أعالي الجبال واستقر به الحال في أرض منبسطة، يحيط بها العمران من كل مكان بالقرب من الشارع العام المؤدي لمركز الرميضة، في منزل مكون من شبك حديدي خصص للأغنام يغطيه بعض من القماش والأخشاب، ولا يقي حرّ شمس تهامة الحارقة ولا بردها أو غبارها الساحلي الخانق. إنها معاناة العم جمعان بن عزيز البالغ من العمر قرابة المئة عام، ولايزال يقطن في شبك من حديد يشاركه فيه “كلبان”.“المدينة” زارت الرجل في منزله المتواضع في ضواحي قرية الخليف بمحافظة قلوة غرب منطقة الباحة، حيث حكى لنا أيام كان يسكن في أعالي قمة جبل نيس المشهور بمحافظة قلوة، ولكن نظراً لوعورة الطريق وصعوبة المعيشة آل به الحال إلى هذه الشبكة الحديدية لظروفه التي لا تمكنه من شراء أرض وبناء منزل، فاكتفى بإقامتها في أرض لأهل الخير على حد قوله. سألناه عن موقف الضمان الاجتماعي، وهل خصص له إعانة أو راتبا، فأجاب بنعم ولكن لا يكفيه لبناء منزل أو استئجار شقة، وقال: أنا لا أريد أن أسكن مع أبنائي، بل أريد أن أبقى وحيداً، حيث أشعر بالسعادة في وحدتي. تركنا العم جمعان، وتوجهنا إلى ابنه أحمد الذي أكد أنه حاول كثيرا مع والده حيث يعاني من حالة نفسية أن يسكن معه في شقته المستأجرة، ولكنه رفض. وأضاف أحمد: للأسف ظروفي المعيشية لا تساعدني لشراء أرض وبنائها أو استئجار شقة له لأنني أعمل فرَّاشا بإحدى المدارس ومرتبي بسيط وأعول أسرة كبيرة، وبالنسبة لوالدي فلم تساعدني ظروفي إلّا بتفصيل هذا المنزل المتهالك. وتساءل أحمد عن دور الجمعيات الخيرية تجاه حالة والده، وتمنّى أن ينظر الجميع بعين الرحمة والرأفة إلى هذا الشيخ المسن، وأن يمدوا له يد العون حتى يعيش حياة كريمة ترحم شيخوخته.