في بعض أحياء العاصمة المقدسة تجد ثمة أعداد كبيرة من العمالة المخالفة، يسترخون تحت ظلال الأشجار وبجوار محال بيع الأدوات الصحية، وما يكاد أحد أصحاب المباني الجديدة يتوقف جانبي الطريق حتى يندفعوا نحوه ويطاردوا الزبائن بوسائل فجة، إذ أن بعضهم يدعي إجادة أعمال السباكة، وآخرون يزعمون أنهم ماهرون في كل حرفة من النجارة والحدادة والبناء وأعمال الدهان ورش الصراصير وتنفيذ حفريات الصرف الصحي، وينشط عمال السبع صنائع في العديد من النقاط، ولكن تبقى القهوة الأثرية محطة دائمة لهم، وفي وسط هكذا هوجة كثيرا ما يقع الزبون في مصيدة عمالة «السبع صنائع»، والذين لا يجيدون أي مهنة حرفية، ورغم جهود الجهات المختصة في ضبط هؤلاء المخالفين غير أنهم سرعان يعودون إلى مواقعهم ويطلقون شعارات معرفة كل حرفة ويستنسخون نفس عبارات إجادة كل حرفة. وأجمع عدد من المواطنين أن العمالة المتخلفة يتواجدون في عدة نقاط معروفة لدى رجال البحث والتحري في إدارة الجوازات في العاصمة المقدسة، ويمثل حي المعابدة، وبالأخص القهوة الأثرية المسماة بقهوة «اليماني» أشهر تلك المواقع التي يتواجد فيها المخالفون مع أول ساعات الفجر من كل يوم للتفاوض مع الراغبين في إنهاء بعض الأعمال سواء الكهربائية أو السباكة، أو حتى مقاولة البناء. وفي سياق متصل بالعمالة الوافدة التي كثيرا ما وقع في مصيدة عشوائيتها مواطنون فإن الحملات الأمنية التي تنفذها إدارة الجوازات في الغالب تكون مشتركة مع عدة جهات معنية، أو تكون ذات طابع فردي، وتسفر عن ضبط أعداد كبيرة من هؤلاء المخالفين، وعادة ما تنطلق تلك الحملات بعد موسم الحج، وتستمر حتى موعد قرب موسم الحج الذي يليه من كل عام. وأوضح كل من محمد الحسين ومنصور الزهراني وسعيد بن جابي أن الحراك التنموي في مكةالمكرمة وتنفيذ البنية العمرانية الحديثة للمدينة المقدسة سوف يكشف هؤلاء المخالفين ولن يجدوا أي زقاق أو شارع داخلي للاختباء فيه من عيون الجهات المختصة. وفي نفس السياق أوضح ساعد المغربي أن هناك أسماء وألقاب غريبة ودخيلة على المجتمع تعد شفرة سرية للعمالة المخافلة، لافتين إلى أن تلك الأسماء لا تطلق إلا على الأشخاص الذين يديرون تلك الشبكات المخالفة من عمالة منزلية إلى عمالة مقاولات وغيرها، ولا يستطع أي كائن آخر من تنفيذ أي مهمة إلا بالرجوع إلى «أبو جلمبو»، و«المعلم»، أو«الجيلاني» وهي مثال لتلك الأسماء والألقاب المعروفة في العاصمة المقدسة، وفي المقابل يحصل أصحاب هذه الألقاب على عمولات من العمالة المتخلفة وكذلك من الذين يتعاقدون معهم، وبالتالي هم لا يعملون بل يديرون العملية بمقابل مادي. وأوضح الناطق الإعلامي في إدارة الجوازات في منطقة مكةالمكرمة المقدم محمد الحسين أن دوريات الجوازات تتولى تنفيذ مهامها المنوطة بها في إلقاء القبض على مخالفي أنظمة الإقامة والعمل، وذلك بهدف القضاء على ظاهرة التخلف والتي تعد ظاهرة سلبية في المجتمع وتؤثر على النواحي الأمنية والاقتصادية ولن يتم القضاء عليها إلا بعد تكاتف المجتمع مع الأجهزة الأمنية في عدم التعامل مع هؤلاء المخالفين لكي يتم إجبارهم على مغادرة الأراضي إلى ديارهم. وأبان الحسين أن حملات المداهمة التي تنفذها إدارة الجوازات في العاصمة المقدسة مستمرة وقد تم القبض على الكثير من المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، وتم اكتشاف العديد من المقبوض عليهم من لديهم سوابق جنائية، وهؤلاء يتم إحالتهم إلى الجهات الأمنية المختصة للتعامل معهم في جرائمهم الجنائية. نظام البصمة من يتم القبض عليهم يخضعون لنظام البصمة للتأكد من خلوهم من أي سوابق أمنية، ومن ثم ترحيله إلى بلاده، بعد تبصيمه، حيث لن يسمح له بالدخول إلى أراضي المملكة بعد أن تم توثيق جميع بياناته الشخصية من خلال نظام البصمة، والذي بلا شك ساهم وبشكل كبير في انحسار هذه الظاهرة السلبية.