إذا كان ما نشرته وسائل الإعلام، أمس، من تصريحات لرئيس هيئة مكافحة الفساد دقيقا عن أن هناك جهات حكومية تعرقل جهود مكافحة الفساد ولا تتعاون مع المساءلات والاستفسارات، فإن جهود التصدي للفاسدين والمتنفعين من المال العام لن يكتب لها النجاح، وأن رحلة البحث عن سارقي المال العام ومعطلي خطط التنمية ستطول، وسنكتشف بعد عقود أننا ما زلنا نمارس توعية أقل نفعا. نقول هذا، ونحن نشعر بالأسى؛ لأنه إذا كانت مؤسسات حكومية يفترض فيها النزاهة وفي من يقودها الإخلاص للوطن وتتعامل بمثل هذه الروح، فمن غير المستغرب أن تظل جهود الهيئة غير مثمرة. وفي الوقت نفسه، نستغرب من رئيس الهيئة هذا الصمت واكتفاءه بالتلميح دون الإفصاح عن هذه المؤسسات صراحة حتى تكون عبرة لمن لا يعتبر، فالمال العام مصان بموجب كل الأنظمة والقوانين وقبل ذلك شرعا، فلماذا يتلكأ من يتربع على هرم المسؤولية عن تقديم الإجابات والرد على التساؤلات التي توجه لمؤسسته، وما هي الفائدة التي ستعود عليه من تعطيل مشروع مكافحة الفساد، إلا إذا كان متورطاً أو متواطئاً بطريقة أو بأخرى. إن التشهير بأسماء غير المتعاونين من المسؤولين ضرورة، لكنه لن يكون كافيا ما لم يصاحبه نظام يحرم من يقصر في تقديم المعلومة من الترقية والحوافز، ويبعده أيضاً عن المناصب القيادية؛ لأن من واجبات المسؤول أن يحافظ على المال العام ولا يدخر جهدا في الإبلاغ عن كل من يحاول أن يقتطع منه قيد أنملة.