طالبت العديد من الأمهات والمعلمات ومديرات المدارس بإيجاد شركات حراسة تتولى حراسة مدارس البنات لمواجهة أي ظرف طارئ لا قدر الله خاصة بعدما أشيع مؤخرا عن تعاطي وإدمان بعض حراس المدارس وحوادث التحرش إضافة لتحويل غرف الحراسة إلى ديوانية يجمع فيها الرفاق مما يشكل خطرا على الطالبات. في البداية وفي إحدى المدارس الابتدائية في غرب الرياض «البديعة» وقع خلاف بين حارس المدرسة وزوجته التي تعمل مستخدمة في المدرسة حيث بدأت الزوجة باتهام زوجها بتعاطي المخدرات خلال أوقات الدوام الرسمي. تقول المعلمة التي سمعت ما دار بين الحارس وزوجته: تبين لي بعد ذلك سبب التصرفات الغريبة التي كانت تصدر منه فقد كان واضحا من خلال تصرفاته مع المعلمات من اتصال بهم في الأوقات المتأخرة من الليل بدون سبب ودون أن يقول شيئا وأضافت ما تخشاه على الطالبات إذا لم تتنبه الوزارة إلى مثل هؤلاء الحراس. وتروي معلمة أخرى معاناة الكثير من المدارس في تحويل غرفة الحارس إلى ديوانية لتجمع أصدقائه وشرب الشاي وممارسة بعض الأصدقاء دور الحارس في فتح باب المدرسة وتحويل الصادر والوارد ومتابعة الفتيات وهم غير مدرجين بوظيفة رسمية من وزارة التربية والتعليم بل من باب الفزعة. وتروي طالبات مدرسة عن حارس مدرستهن والهذيان الذي يصيبه وأنه يهذي بالميكروفون أثناء الحصص المدرسية ساعة يغني به وساعة يهزئ المارة وساعة ينادي بعض المدرسات لاستلام الصادر والوارد واحيانا ينادي زوجته وحين تنصرف الفتيات من المدرسة يهددهن بالضرب في الشارع أثناء وقوفهن لانتظار المركبات التي تعيدهن إلى منازلهن بل يدخل أحيانا المدرسة أثناء الفسحة ويعتذر بالخطأ. وترى معلمة نّ حارس المدرسة يستحق العناية والتقدير فهو جزء من أسرة المدرسة وهو الرجل الأوحد فيها ومعظم الأعباء ملقاة عليه فضعف المرتب الذي يتلقاه يجعله يستغل فترة الدوام المدرسي ليقوم بأعماله الخاصة والتي تدر عليه بعض الدخل رغم خطورة هذا الفعل على من في المدرسة من طالبات ومعلمات وتقول ما المانع من رفع رواتب الحراس وتأهيلهم بإعطائهم دورات تدريبية عن كيفية مواجهة أي طارئ لا قدر الله وتحديد سن الحراسة بحيث لايزيد سن الحارس عن الخامسة والخمسين حتى يستطيعوا تقبل أي دورات تأهيلية وحماية المكان الموضعين لحراسته وقت الحاجة. وتروي ( ل , ي ) على لسان ابنتها أن حارس المدرسة التي تدرس بها يضربهن وحين شكته إلى مديرة المدرسة قالت لها: "العم فلان أبو عيال ولا نستطيع قطع رزقه" وتضيف لماذا لا يكون هناك معايير لمن يتولى حراسة البنات بحيث تجرى له اختبارات يتأكد من خلالها عدم استخدامه لمواد ممنوعة والتأكد من أخلاقياته فحراسة المدارس ليست سهلة ومن يوضع في هذا المكان يجب أن يكون كفؤا لذلك. وذكر مصدر في مجمع الأمل بالرياض ل "عكاظ" أن ملفات كثيرة لدى المجمع للعديد من حراس المدارس حيث أن دور مجمع الأمل علاجي فقط وليس من شأنه متابعة سلوك المريض بعد خروجه من المجمع مضيفا أن مجمع الأمل تربطه علاقة بجميع جهات الدولة حيث تقوم الجهات بتحويل المدمنين والمرضى نفسيا للعلاج لديها ويقوم المجمع بعلاجهم بسرية تامة. وأوضح المصدر أن الجهة المسؤولة عن سلوك حراس المدارس هي التربية والتعليم فالمجمع جاهز لتزويدها بأي معلومات عن أي رجل متقدم وظيفيا لديها سواء معلم أو حارس وحتى في القطاع النسائي ولكن لم يأتي من الوزارة من يستفسر عن ذلك. ونوه إلى ضرورة تنفيذ جولات تفتيشية على حراس المدارس وعمل دورات تدريبية بين فترة وأخرى لمعرفة سلوك الحارس و معرفة الحارس لشؤون المدرسة وكيفية التعامل مع المشاكل الخارجية من جهته يقول عبدالله (حارس مدرسة): جئت منذ أكثر من عشرين سنة إلى مدينة جدة قادما من الجنوب بغرض العمل، حيث نصحني الكثير من الجيران والأهل بالسفر بحثا عن العمل، وفعلا قدمت إلى جدة وعملت حارسا في مدرسة (ذكور) أستيقظ قبل الجميع، وأقوم بإشعال الكهرباء والمكيفات، ولا أنام إلا بعد أن أقوم بجولة حول المدرسة، أراقبها وأتأكد من سلامتها. وأضاف أعلم كل ما يدور في المدرسة وأحفظ طلباتها، والجميع يحترمني وينادي باسمي، ولا يمكنني الغياب، فلو لم أحضر أغلقت المدرسة بالكامل وتعطلت الدراسة. ويقول بفخر: أنا أهم شخص في المدرسة، فعملي في الحراسة علمني كيف أجيد فهم كل شيء، حتى نفسيات المدرسين والآباء والطلاب ومزاجاتهم، أنا من يستقبل البائعين ومندوبي المخابز عند كل صباح، أتعامل معهم جميعا. عم فايز الجهني، (حارس مدرسة بنات) يتحدث ل "عكاظ" عن حكايات المدرسة وما يوجهه من قصص غريبة في بعض الأحيان، يقول العم فايز: حضر إلي شخص ذات يوم، وجاء إلى غرفتي وقرأ علي السلام، فأجبته ودعوته للدخول وفعلا جاء إلى داري المتواضع، وسكبت له كوب شاي وطلبت منه أن يتحدث عما جاء به، فقال لي : بصراحة يا عم فايز أنا أبغى أتزوج، وتعبت من اللف والدوران في البيوت والجميع يرفضني، ولا يقبل بي، وأفصح لي عن أسباب ذلك، ووجدت أنه شاب صالح ولكن ظروفه المادية غير جيدة، فوعدته أن أهتم بموضوعه وأن أترقب الفرصة كي أفاتح المعلمات في الموضوع الذي رأيت أنه صعبا للغاية ومحرجا. وأضاف شاء الله أن تتزوج إحدى المعلمات فباركت لها وقلت لباقي المعلمات عقبال من لم تتزوج منكن، فأجبن: يسمع منك ربنا ياعم فايز فقلت لهن لقد تقدم رجل طالبا القرب من إحداكن، فمن تجد القبول فلتخبرني وفعلا اتصلت علي إحدى المعلمات وسألتني عن الرجل وأخلاقه ووضعه فأجبتها بما يمليه علي ضميري وما عرفته عن الرجل الذي لم أنقطع عنه منذ ذاك الوقت، فهو يزورني بين الحين والآخر، ووجدت أنه رجل متزن وخلوق. وزاد وافقت المعلمة مبدئيا وفعلا تقدم الرجل إلى منزل أسرتها وخطبها من أهلها وتمت مراسم الفرح ، والآن ابنتهم في الصف الثاني الابتدائي تأتي لتقبل راسي عند كل صباح قبل الذهاب إلى فصلها الدراسي. على الجانب الآخر، تحدث العم ناصر الجار الله (حارس مدرسة بنات) فيقول: نحن حراس المدارس تواجهنا مواقف كثيرة وقصص متنوعة، فنواجه الصالح والطالح الغني والفقير، ونعلم الكثير من الأسرار. وتابع القول: قبل أكثر من ثلاث سنوات جاء أحد الشباب إلى المدرسة وطلب مني خدمة أقدمها له، فقلت له تفضل، فقال أريد منك سؤال المعلمات هل يردن شخصا يوصلهن إلى المدرسة لقاء مبلغ مالي وبعد فترة شاورني في خطبة إحداهن. ويضيف ذات مرة سمعت قصة من أحد الآباء الذين يأتون للحديث معي حين ينتظرون بناتهم، وكان الكلام يدور حول الزواج من المعلمات، فحكى لي قصة أن في مدرسة ما في جدة تعمل امرأة ك (فراشة) ولديها شاب صغير يرغب الزواج ولا يملك إلا مبلغ 50 ألفا فقط. ويستطرد قائلا: عرضت المستخدمة الفكرة على مديرة المدرسة لتستأذنها في خطبة من ترغب بالزواج من ابنها الشاب الذي ليست لديه أي مشكلة في الزواج من امرأة تكبره سنا أو على قدر جيد من الجمال، فما كان من مديرة المدرسة إلا وأخبرتها أنها هي من ترغب الزواج من الشاب، وفعلا تزوجت منه. فيما يقول العم عبد الله بانافع، (حارس مدرسة بنات) أنه يعمل في المدرسة كفراش منذ أكثر من 25 عاما ويسكن في ذات المدرسة مع زوجته وأطفاله. واستغرب العم عبد الله وصف بعض حراس المدارس عملهم بأنه شاق، مضيفا المدرسة التي نحرسها في الصباح ننام فيها ليلا، فأين التعب والارهاق، وكأنك في بيتك تماما، الفرق أن منزلك يقع داخل المدرسة، وهذا يجعلك أكثر حرصا على عدم ارتكاب الحماقات. أما أحمد سعيد الزهراني ومطية علي ومحمد عبد الله الدوسري وحبش حسين جبر وأحمد إسماعيل هملان فأمرهم مختلف تماما، حيث انشغلوا بهمومهم على حد قولهم عن أمور الدنيا، وعن الانشغال بغيرهم، فهم لا يتقاضون رواتبهم منذ 5 أشهر، ولا يعلمون عن سبب ذلك، ولم يبلغهم أحد. من ناحيته تحدث جمعان محمد الزهراني أنه بدأ بالعمل في حراسة المدارس منذ أن كان عمره 35 سنة ويقول: أكثر ما يخشاه حراس المدارس انتهاء خدمتهم ورميهم في الشارع على حد قوله ويتساءل: هل بعد خدمة هذه السنين أخرج من منزلي وأولادي، وإلى أين أذهب؟ وأضاف: كانت رواتبنا في السابق 1600 ريال، ولا نطلب شيئا غير منزل يؤوينا وأولادنا.