يظل التباين الشاسع في الإمكانيات الفنية والمادية بين الأندية السعودية المشاركة في دوري زين للمحترفين حائلا أساسيا دون تطبيق كثير من الأنظمة الاحترافية على السياق الذي يمكن أن يحقق مردودا فنيا رفيعا على الرياضة إجمالا، ويثير كثيرا من التساؤلات حول جدوى إرهاق الأندية ذات الإمكانيات المحدودة بمزيد من الأعباء التي تتورط بها رغبة في البقاء ضمن دائرة المنافسة ومن بينها زيادة عدد المحترفين في ظل تواتر الأزمات المادية والمديونيات المتعثرة لكثير منها، ويضاعف قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم بأحقية قيد الأندية السعودية ستة لاعبين أجانب وقصر المشاركة على أربعة منهم حجم المعاناة التي قد تدفع بكثير منها بحسب ما يرى محللون ونقاد إلى مزيد من الانتكاسات على مستوى المنافسة، إذ يرون مثل هذه القرارات محبطا لكثير من القائمين على الأندية ذات الإمكانيات المحدودة ويضعها بين نارين إما التورط في مثل هذه الأعباء أو البقاء خارج سرب المنافسة. ويرى نائب رئيس التحرير بصحيفة اليوم والمعلق الرياضي السابق محمد البكر أنه لا فائدة مرجوة من هذا القرار كونه يظهر كما يقول وكأنه يشجع الأندية الكبيرة على افتراس ذات الإمكانيات المحدودة، ويقول العالم من حولنا يعمل على تقصير المسافة بين الأندية بينما اتحادنا يحاول زيادة الفجوة بينها من خلال تأكيد توزيعها لفرق كبيرة تملك المال فلها البطولات وفرقا عليها البقاء في المناطق الدافئة والبقية تصارع من أجل البقاء، فالمتابع يدرك تماما أن غالبية الأندية لا تستطيع جلب أربعة لاعبين لشح المادة لديها، فكيف بعد هذا القرار الذي يعد مجحفا في حقها، فالعملية يجب أن ينظر لها الاتحاد السعودي بنظرة الكيف وليس الكم، فوجود قلة يحققون الفائدة خيرا من وجود كثرة لا فائدة منهم. قرار سلبي ويؤكد الكاتب والناقد الرياضي صالح الحمادي أن هذا القرار يعد واحد من أسوء القرارات التي تم اتخاذها في السنوات الأخيرة ولن يجلب للكرة السعودية فائدة تذكر، ووجه نصيحة لمجلس الاتحاد السعودي لكرة القدم بالتراجع عن هذا القرار لأنه لا ترجى فائدة منه سواء على المدى القريب أو البعيد. واستطرد الحمادي: «أظن وإن بعض الظن إثم أن هذا القرار اتخذ بقرار فردي من مسيري الكرة السعودية دون دراسة، فالواقع يؤكد أن تجارب الأندية الخليجية قد فشلت فشلا ذريعا في جلب واستثمار اللاعب الآسيوي الرابع، فإذا كان لا بد من تنفيذ هذه الفكرة وإن أحمد عيد ورفاقه ماضون في تنفيذها ونحن الناصحون لهم .. عليكم أن تتراجعوا عن هذا القرار والاكتفاء بمنح الأندية حرية جلب لاعبين مطلقين من أي بلد وقارة على أن يكون الاثنين الآخرين من أبناء المقيمين من مواليد بلاد الحرمين الشريفين ونحن نناشد الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة الأولمبية وأمينه العام بتسهيل إجراءات السماح للمقيمين من مواليد السعودية بالمشاركة في جميع الألعاب والدرجات بحد أقصى لاعبين يحق لهم التسجيل ومشاركة الأندية السعودية في مشاركاتها المختلفة». ورطة وتخبط من جانبه، أيد رئيس القسم الرياضي بصحيفة الجزيرة عبدالعزيز الهدلق ما جاء في ثنايا حديث الحمادي وزاد قائلا: «ربما جاء هذا القرار تلبية لمطالب بعض الأندية التي لا تحسن انتقاء اللاعبين الأجانب وتتورط معهم فلا تستطيع الاستفادة منهم أو إبعادهم باعتبار أن ذلك سيكلف خزائنها المزيد من الخسائر فاضطر الاتحاد السعودي لإصدار القرار كمخرج لها فتم وضع أسمائهم كشعار للاستثمار فقط، وهنا وللأسف فإن الاتحاد يساعد إدارات الأندية بقصد أو بدونه في زيادة التخبط والصرف ببذخ وعدم الحرص على الاختيارات الجيدة وأعتقد أن القرار صب في مصلحة السماسرة لمواصلة العبث بمقدرات الأندية السعودية». وأضاف الهدلق معلقا على استثمار اللاعبين فقال: «حقيقة لم تصل عقليات الإدارات في الأندية لإجادة الاستثمار في اللاعب الأجنبي فنحن لا نملك رؤية استثمارية ناجحة». ويؤكد الناقد والكاتب الرياضي عدنان جستنية أن هذا القرار لا يوجد له مبرر مقنع ولم تكن له مقدمات توضحه أو مطالبات من الأندية أو أطروحات إعلامية، وقد كان من المفترض أن تدرس رابطة المحترفين القرار وتضع توصياتها والمبررات التي تدعوا لاتخاذه بمساهمة من الأندية التي هي صاحبة الشأن ولكن الذي حدث أن الاتحاد وفي أول اجتماع له أقره متناسيا وضع ومستويات اللاعبين الأجانب الذين لا يوجد منهم من يحقق الفائدة المرجوة من وجوده إذا ما استثنينا القلة منهم كلاعب الفريق الأهلاوي برونو سيزار، وهذا ما يؤكد أن القرار كان ارتجاليا وتم إقراره بمعزل عن رابطة المحترفين. وأضاف جستنية: «أعتقد أن الاتحاد السعودي ذهب لدعم السمسرة في الأندية فوضع غطاء لا يكاد يفهم من هذا القرار فالأندية لم تستطع الوفاء بحقوق اللاعبين الأجانب أو المحليين حتى نزيد الأعباء عليه». واختتم جستنية حديثه: «على الاتحاد السعودي أن يدرك أن للاستثمار جوانب عدة ومنها الاستثمار في اللاعب السعودي بتسهيل احترافه الخارجي ودعم الأكاديميات وجعل أكاديمية النادي الأهلي التي حققت نجاحا رائعا كنبراس يحتذى به في كيفية الاستثمار الرياضي الصحيح». مصلحة الأندية ويؤكد مدير الكرة بالنادي الأهلي طارق كيال أن الاتحاد السعودي راعى المصلحة العامة للأندية فأقر هذا القرار الذي أرى أنه جاء للمصلحة العامة وإنقاذا للأندية من ضغط بعض اللاعبين الأجانب عليها، مستثمرين محدودية وقصر فترة التسجيل فأوجد الاتحاد منفذا للأندية من استغلالهم، فاللاعب الذي لم يصل معه ناد ما إلى اتفاق مرض لهم عليه أن يجلس حتى يبحث له عن عرض والنادي يتدبر أوضاعه بتسجيل غيره. كما أكد كيال على أن لكل قرار جانب إيجابي وآخر سلبي وكل يراه حسب مصلحته فيجب أن ننظر بنظرة واحدة قائمة على المصلحة العامة، فما دامت أنديتنا تعيش بقدم في الاحتراف والأخرى في الهواية فإن القرار يعد مفيدا لها قياسا بظروفها المادية. ويوافقه رئيس نادي هجر المهندس عبدالرحمن النعيم بافتراض حسن النية وسعي الاتحاد للمصلحة العامة، ويؤكد أن الاتحاد السعودي لم يشاورهم في الأمر ولو حدث ذلك لتمت الموافقة لسحب سلطة اللاعب الأجنبي في الضغط على الأندية. وتحفظ النعيم على الاستثمار في اللاعب الأجنبي لصعوبته لأنه يتوجب على الأندية جلب لاعبين مميزين سيكلفونها أموالا طائلة وسط الشح المالي الكبير الذي تعانيه وكان من الأفضل للاتحاد السعودي تشجيع الاستثمار في المواهب الوطنية من خلال تسهيل ابتعاثهم للدول المتقدمة كرويا. الكبار فقط وعلق رئيس نادي الرائد فهد المطوع بقوله: «إن هذا القرار اتخذ لفائدة الأندية الكبيرة والتي تملك رعاة وأعضاء شرف فتتوفر لها المادة وتم إهمال مصلحة الأندية متوسطة الدخل والتي تعاني من شح المادة لديها والتي بالتأكيد لن تستفيد منه بتاتا لأن إداراتها متورطة في رواتب وحقوق اللاعبين فكيف لو زاد العدد بإحضار لاعب سيستلم مرتباته وحقوقه دون أن يقدم للنادي شيئا على أمل أن يتم استثمار عقده داخليا أو خارجيا. وأكد المطوع أن الاتحاد السعودي اتخذ هذا القرار دون طلب من الأندية أو مشورة لها حول جدوى تطبيقه إلا إذا كان هناك أندية يخدمها ويصب هذا القرار في مصلحتها.