بالرغم من خسارته بطولة دوري كأس ولي العهد هذا العام أيضا وفوز الهلال بها مجددا للمرة ال (11) إلا أن النصر قدم مباراة كبيرة.. ولم يكن بعيدا عن الفوز بها وينال الكأس أيضا نتيجة المستوى الكبير الذي قدمه لاعبوه على مدى الأشواط الأربعة لمباراة هي الأفضل في هذا الموسم بلا منازع. كانت المباراة هي الأفضل بالنسبة لكل من الهلال والنصر والجماهير.. لأنها وإن كانت مباراة بطولة تكتنفها في العادة بعض الفوضى وتسيطر عليها العشوائية.. إلا أنها كانت شبه نموذجية من الناحية الفنية والتكتيكية واللياقية والمهارية.. ومن حيث التنظيم كذلك بالرغم من غياب بعض اللاعبين المهمين في الفريقين.. وما جعل الهلال يتفوق في النهاية ويحصل على الكأس هو تعجل محترفي النصر.. المصري «حسني عبد ربه» واليوناني «أنجيليوس» في تسديد ضربات الجزاء وإهدارهما لضربتين مقابل إهدار «محمد مسعد» ضربة هلالية وحيدة.. والسبب في ذلك تعجل لاعبي النصر وثقتهما في نفسيهما من جهة وتوفيق حارس الهلال «عبدالله السديري» في التصدي لإحداها وخروج الأخرى إلى الأوت.. مقابل تميز حارس النصر «عبدالله العنزي» في التصدي لكرة المسعد مواصلا بذلك تميزه طوال المباراة.. حتى أنه كان اللاعب رقم (1) في الأشواط الأربعة.. لا سيما أن فرص الهلال المحققة على مرمى النصر كانت أكبر بكثير من تلك التي أتيحت للنصر أمام مرمى السديري.. مشكلة النصر الأكبر: وإذا كان هناك ما يمكن اعتباره سببا في عدم استثمار النصر لتكامله العددي في هذه المباراة، فهو العجز التام في إنهاء الهجمة بنجاح.. بالرغم من وجود «السهلاوي» واللاعب البرازيلي «باستوس» في المقدمة.. وبالرغم من خطورة هذا اللاعب تحديدا في المنظومة النصراوية أيضا وإلا فإن الفريق النصراوي كان منظما في خطوطه الثلاثة وبالذات في منطقة الوسط «إبراهيم غالب» و«حسني عبد ربه» و«أيمن فتيني» و«خالد زيلعي، وهو التنظيم الذي كان يحتاج إلى رأس حربة صريح.. وإلى تعاون أكبر بين المهاجمين بدا وكأنه غير متحقق بدرجة كافية حتى الآن ولاسيما بين «السهلاوي» و«باستوس» فقد بدا كل منهما وكأنه يبحث عن الآخر طوال المباراة.. والسر في ذلك – بصورة أساسية – هو عدم وضوح أدوار لاعبي الوسط بدقة كافية.. وإذا أراد مدرب النصر أن يستمر مهاجما باثنين (باستوس/ السهلاوي) أو غيرهما.. فإنه لابد من أن يوكل مهمة المحور الممول لهجوم المقدمة إلى «حسني عبد ربه» تحديداً.. وأن يبقي على خالد الزيلعي في موقعه الحالي (طرف أيمن) وأن يثبت «الراهب» في الطرف الأيسر بصورة دائمة.. لإكمال منظومة الهجوم على هذا النحو: خالد الزيلعي/ باستوس/ السهلاوي/ الراهب. وخلفهم كما أشرنا «حسني» وخلف حسني وهذا الأفضل «إبراهيم غالب» الذي قام يوم أمس الأول بدور المحور (الرابط) بين الوسط والهجوم والأطراف.. وقدم الكثير.. لولا أنه كان بحاجة إلى مساندة أفضل من خط الظهر.. وبالتحديد من حسين عبدالغني (يسار) و(شايع شراحيلي) يمين.. أما الدفاع النصراوي المكون من (شايع شراحيلي/ والبحريني محمد حسين وعمر هوساوي وحسين عبدالغني) فقد بدا في هذه المباراة منضبطا.. وإن كان الارتباك.. والتوتر باديا عليه.. وهو بحاجة إلى استقرار على هذه التشكيلة لفترة طويلة.. وإلى توازن في الحركة بين الدفاع وبين الهجوم لدى الأطراف.. لأن تقدم حسين عبدالغني وشراحيلي في وقت واحد يتسبب في كثير من الأحيان في ثغرات.. لم يستفد الهلال كثيرا منها بالصورة المطلوبة.. والسبب في ذلك هو سيطرة النزعة الهجومية لدى الاثنين.. وحاجتهما إلى تغطية فورية من قبل متوسطي الدفاع (حسين/ هوساوي).. وهما يمتازان بطول القامة وبالحيوية التامة وبالسرعة في التعامل مع الكرة.. لكنهما يحتاجان إلى درجة أكبر من التجانس والبعد عن اللعب على خط واحد.. لأن ذلك يشكل خطورة كبيرة على خط الظهر لاسيما في ظل تقدم الظهيرين.. ولو وجد خط هجوم ذكي ومحور ممول جيد لهجوم المقدمة الهلالية لاستغل ذلك.. وأثخن مرمى النصر بالتهديفات المتتالية.. لكن الخط بصورة عامة قوي.. وقادر على التصدي للكرات العالية لكنه بحاجة إلى اكتساب مهارة التعامل مع الكرات البينية السريعة في خط ال(18) وخط ال (6) بصورة أفضل.. ولعل أبرز الأخطاء التي وقع فيها دفاع النصر في التعامل مع المهاجمين المتميزين بالمهارة هو ارتكاب قلب الدفاع (محمد حسين) مخالفة ضد لاعب الهلال (نواف العابد) وأسفرت عن البنالتي الهلالي الذي كاد يقصم ظهر النصر وينهي المباراة في وقتها الأساسي.. لولا رفعة (الزيلعي) المحكمة واقتناص الراهب الجيد لكرة التعادل.. مما أطال عمر المباراة وأنهاها بفارق أهداف الضربات الترجيحية.. وبشكل عام فإن النصر يمر بأفضل مراحله سواء من حيث الاستقرار في التشكيلة أو بناء الفريق أو من حيث التنظيم وتوزيع الأدوار.. لولا أنه بحاجة إلى وقت يسير لتحقيق المزيد من الترابط بين خطوطه الثلاثة.. وباختصار شديد فقد بدا لي وسط النصر أكثر قدرة على التماسك وحسن التنظيم والحركة وتوزيع الأدوار.. وإن كان بحاجة إلى تبني خطة (4/2/4) بصورة دائمة لكي تستثمر هذه العناصر مع التغيير على أرض الملعب وأثناء مجريات المباراة إلى (4/3/3) ولا سيما في حالة الاكتفاء برأس حربة واحد فقط وجناحين متميزين.. والهلال أين هو لعب الهلال – كما قلت – أفضل مبارياته هذا الموسم.. وإن كانت حالة عدم استقرار تشكيلته حتى الآن تمثل ملمحا واضحا.. بدليل التغييرات الجذرية التي لجأ إليها المدرب.. وغير معها طريقة اللعب بصورة جذرية.. وإن كانت تلك التغييرات غير مفهومة ولأي الأسباب قد اتخذت.. فمثلا.. نزل «نواف العابد» ليلعب على الطرف الأيسر للهلال.. عوضا عن «سلطان البيشي» الذي كان يشغل مركز ظهير أيمن.. وأحل (سالم الدوسري) كجناح أيمن محل «ويسلي» الذي كان (صانع ألعاب) حتى غادر الوسط الهلالي في ظل دهشة الجميع وخوفهم من انهيار المنطقة بالكامل.. كما جاء ب (محمد مسعد) كظهير أيمن عوضا عن عبدالله الزوري الظهير الأيسر الذي خرح بعد إصابته.. وكأنه يعالج بذلك حالة الفراغ التي أوجدها المدرب بإخراج (البيشي) وبدء تدفق الهجمات النصراوية من الناحية اليسرى وبقوة.. وإذا كان إخراج سلطان قد تم بهدف تفادي طرده بعد تسببه في أكثر من فاول وحصوله على الكرت الأصفر.. نتيجة توتره في هذه المباراة.. فإن البديل الجاهز لديه لهذه الخانة هو (محمد نامي) وليس محمد مسعد.. الذي لم يتكيف بعد مع الهلال بدرجة كافية.. وإذا كان الهدف هو مضاعفة نشاط الهجوم بإدخال (نواف) فقد كان عليه أن يضمن مستوى أفضل من الترابط في خط الهجوم لتوفير الحلول الضرورية التي حققت النتيجة. لكن التغيير كان يجب أن يكون على حساب (ياسر القحطاني) الذي استمر تائها حتى النهاية.. وليس على حساب منطقة خط الظهر الحساسة.. ومع أن الدوسري.. حقق الهدف من إنزاله وحقق حركة أفضل في منطقة الطرف الأيمن.. إلا أن الهلال كان محتاجا إلى رأس حربة صريح.. وبالتحديد إلى خدمات الكوري «بيو ينغ» في منطقة خلت من منهي الهجمة بنجاح.. رغم الجهد الكبير الكبير جدا الذي بذله (محمد الشلهوب) في هذه المباراة دفاعا وهجوما وصانع ألعاب ومن كل المواقع وفوق الطاقة.. لكن هذا لم يحدث أيضا.. وإن كان خروج (لوبيز) لم يكن مفهوما بالنسبة لي إلى هذه اللحظة رغم جهده الكبير هو الآخر.. ورغم بحثه المستمر عن رأس الحربة أماما.. ورغم محاولات الاختراق التي قام بها لدفاع النصر.. ومع قناعتي بأن ياسر القحطاني لاعب مهم.. إلا أن هناك حاجة لصناعة رأس حربة للهلال.. يكمل جهود الوسط القوي والمتماسك ولا سيما بوجود (لوبيز) و(الشلهوب) و(سلمان الفرج) و(محمد القرني) وإن كان القرني بحاجة إلى رفع مستوى كفاءته وتنظيم جهوده.. على أن العاهة الأكبر في وسط الهلال وهجوم المقدمة هي الاحتفاظ الطويل بالكرة على حساب حيوية الهجمة وهي الحالة التي كادت تخرج الهلال مهزوما.. وبالذات نتيجة للتحضير البطيء للهجمة.. وبصورة عامة.. فإن الهلال لعب بروح المسؤولية أكثر من روح التنظيم في خطوطه الثلاثة.. ولولا هذه الروح والسمعة وتاريخ البطولات لفقد البطولة في النهاية.. لكن (الله سلم).. *** أما بالنسبة للتحكيم فإنه ورغم كل ما قيل كان معقولا ويجسد ثقافة التحكيم الإيطالية التي لم نستوعبها بعد.