بدأ الرحلة فجلس هو على كرسي وهي على الآخر.. وقد قيد كل منهما نفسه بحزام الأمان.! أجلسها على الكرسي الملاصق للنافذة وهو على المقعد المطل على الممر!.. اتجهت بوجهها نحو النافذة واستدار هو كليا نحو الممر.. وساد بينهما صمت طويل؟! فالمشهد ينبئ وبدون دليل أن بين الاثنين خصاما أو جفاء لا يمكن إخفاء علاماتهما حتى أمام أعين الغرباء؟! واستمر هذا الوضع إلى أن أقلعت الطائرة.. وقبل ذلك رفض كل منهما قبول المرطبات أو متابعة التعليمات أو تناول الصحف والمجلات؟! وبعد لحظات في الجو وربما لشدة العطش أو لجفاف الحلق من كثرة (النق) والخصام، قبل هو فنجان القهوة من يد المضيف وقبلت هي (حبة) التمرة من يد المضيفة، وتناولتها وهي تنظر من النافذة وقد أرخت على وجهها النقاب بالكامل، والذي لم يستطع أن يخفي تساقط الدمع!. وتمضي الرحلة ومع أول (مطب) هوائي خفيف.! اهتزت الطائرة فاحتك ذراعه بذراعها.. وكأن تيارا كهربائيا لمس جزءا من جسمها.. فاستدارت ثم انسحبت ثم لانت وتركت ذراعها تلامس ذراعه خلال فترة المطبات الهوائية؟! توقفت المطبات واعتدلت الطائرة في سيرها.. وعادت هي إلى وضعها الأول.. جفاء وتوترا واتخذ هو وضعا مماثلا. وتمضي الرحلة وتعود إلى (الجو) رداءته والهواء إلى (تخلخله).. وتهتز الطائرة بقوة أكبر.. مما جعله وبدون وعي منه يميل بجسمه نحوها ويمسك بكل قوة ذراعها، ربما لشعوره بالخطر وشعورها بالخوف؟! تركت النافذة والتصقت به أو بمعنى آخر استسلمت لعطفه وقبلت حنانه وحمايته؟! وانتهت الأزمة الجوية وتوقفت (المطبات) وعادت إلى الطائرة الضافية فعرضت عليهما المضيفة الشاي فتناول الكوب منها وقدمه لها ثم أخذ لنفسه كوبا آخر فاستدارت بكل جسمها نحوه وأمسكت بذراعه وهمست في أذنه؟. فأشرق وجهه وارتخت عضلاته وعادت إلى شفته ابتسامة قصيرة ما لبثت أن اتسعت تلك الابتسامة.. وامتلأت نفسه بعلامات الرضا والسعادة..! وأمضيا باقي الرحلة الطويلة في عتاب ثم في همس ثم في آمال وأمان وكأن شيئا لم يكن؟! .. «والبركة في الزوبعة الهوائية»!!.