يوجد لدينا قوانين وأنظمة لمكافحة غسل الأموال، والاحتطاب الجائر، والمخدرات، والاتجار بالبشر ولكن لا يوجد لدينا نظام أو قانون لمكافحة التحرش الجنسي؟، لماذا؟.. لا تسألني ولا أسألك لأننا سنتفق على أهمية صدوره بأسرع وقت ولكننا سنختلف من هنا حتى القرن الهجري القادم على كيفية صدور هذا القانون!، نعم هذه الحقيقة المرة. فالكل يعلم أن التحرش باللفظ، أو بالفعل تجاه النساء والأطفال يحدث أحيانا في الأماكن العامة، دون أن يشعر مرتكب هذا الجرم بالخوف من أي رادع، بينما تحاول العديد من الجهات مقاومة صدور مثل هذا القانون لأنها تشعر بأن صدوره سوف يقنن صلاحياتها أثناء تصديها لقضايا التحرش . نعم هناك الكثير من الجهات التي تملك استعدادا فوريا للتصدي لأي حادثة تحرش، و معاقبة من يقوم بهذا الجرم، ومنها: إمارات المناطق، وأقسام الشرطة، وفروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمحاكم ولكن تداخل صلاحيات هذه الجهات دون وجود نظام واضح لمكافحة التحرش كانت نتيجته أن المتحرشين وجدوا فضاء رحبا للتحرك في الأسواق، وأماكن العمل، والشوارع وهم يعلمون أن هذه الجهات يستحيل أن تتابع كل واحد منهم وتردعه عن مثل هذه الأفعال التي يقوم بها في وضح النهار، نعم كل هذه الجهات موجودة، وهي تسعى بكل إخلاص للحفاظ على قيمنا الأصيلة، وردع المتحرشين، ولكن كثرة الطباخين أفسدت الطبخة، والدليل هو الحقيقة التي نحاول دائما أن نخفيها تحت السجادة، وهي أن المرأة في أغلب الدول التي لديها قوانين صارمة وواضحة لمكافحة التحرش تسير في منتصف الليل دون أن يضايقها أحد بينما المرأة عندنا يندر أن تسير مائة متر في وضح النهار دون أن تتعرض للتحرش ولو بالكلام!. بالأمس قرأت تحقيقا جميلا في صحيفة الرياض جاء فيه أن مجلس الشورى يحاول منذ سنوات إصدار قانون لمكافحة التحرش، بعد أن أزعجته المطالبات الصحفية بصدور هذا القانون، وبعد أن درس القانون، وأعاد مراجعته، واستمزج من أجله بعض خبراء الشريعة الإسلامية وعلم الاجتماع. وما أن انتهى المجلس من كتابة هذا النظام حتى أرسلت إليه وزارة الشؤون الاجتماعية نظام مكافحة الإيذاء فاحتار أعضاء المجلس لوجود تشابه بين نظامهم ونظام الإيذاء المقترح، فعادوا لدراسة الأمر ومراجعته واستمزاج الخبراء فتوصلوا إلى حل يجعل نظام مكافحة التحرش جزءا من نظام الإيذاء، ومن هنا حتى يتم دمج النظامين سوف نحتاج إلى عدة سنوات أخرى تزدهر فيها قلة الحياء. لا أعرف لم أصبحت وزارة الشؤون الاجتماعية هي المعنية بهذا القانون وكأننا نريد أن نقول إن التحرش مشكلة اجتماعية بحتة، ولا أعرف لم تركز الحديث في تحقيق الرياض على التحرش في أماكن العمل، وكأن التحرش مشكلة عمالية بحتة، التحرش يا سادة يا كرام ليس مشكلة اجتماعية ولا عمالية، بل هو باختصار شديد مشكلة أمنية، وصدور نظام واضح تنفذه الشرطة والمحاكم على الجميع سوف ينهي المشكلة من جذورها، وإذا كنتم غير مقتنعين بهذا التبسيط تأملوا كيف يتصرف هؤلاء الشباب بكل أدب حين يتجولون في أسواق دبي! . للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة [email protected]