لا صحة لما تدعيه وزارة الصحة أن ما حدث للطفلة البريئة (رهام) هو نتيجة لخطأ فردي!!، بل هو نتيجة متوقعة لمجموعة أخطاء إدارية وفنية، وتخبطات متتالية، حذرنا منها في حينها، و تحديدا عندما تحدثنا عن أزمة مخزون الدم، وتدخل غير المختص في تأمين كواشف تحليل الدم، وطريقة فحص أكياس الدم وخلافه!!. بدأت المشكلة إدارية بالتدخل في صلاحيات مدير المختبرات، وبنوك الدم المتخصص، وإعطائها لمدير التموين الطبي آنذاك الذي أصبح وكيلا للتموين الطبي والشؤون الهندسية، وهو تدخل في طريقة إجراء الفحص على أكياس الدم، وتحويلها من فحص كل كيس على حدة إلى فحص مجموعات من ستة أكياس أو 12 كيسا. فإذا وجد في المجموعة تلوث بحث عن الكيس الملوث من بينها؛ وذلك بغرض التوفير في شراء الكواشف، وهو تدخل أدى في حينه إلى تنحي مدير بنوك الدم، وطلبه التقاعد المبكر الذي رفض، وحول إلى إعارة (المهم أنه ترك المختبرات وبنوك الدم) ورحل و رحلت معه الرقابة الدورية الشاملة المتخصصة على طريقة التعامل مع فحص أكياس الدم وفرزها!!. ومع كامل الاحترام للتحقيقات الجارية إلا أن التفسير الوحيد لإعطاء كيس دم ملوث للطفلة ناتج عن عملية خلط كيس غير مفحوص، مع أكياس مفحوصة وسليمة، لأنه وحسب إفادة الأم فإن فريقا من المستشفى بعد أن تم نقل الدم بعدة ساعات جاء للمنزل بعد منتصف الليل يستدعي الطفلة (بعد اكتشاف التلوث في عينة كيس الدم الذي أعطي لها)؛ وذلك الخلط لا يمكن أن يحدث لو طبقت معايير رقابية شديدة على التعامل مع أكياس الدم، وفصلها، و إجراء مراجعة مزدوجة( دبل شيك) على طريقة فرزها، وهو أمر يطول شرحه. لا جدال أن أساس الخطأ هو الارتجالية في القرارات، والعشوائية في الإدارة، و إيكال الأمر إلى غير أهله. وهو ما يجعله خطأ قابلا للتكرار والحدوث في أكثر من مستشفى؛ لأن المعايير الرقابية في بنوك الدم أصبحت متدنية جدا!!. إذا كان الخطأ الإداري والفني في الكارثة يحتاج إلى تحقق وتأكيد فإن المؤكد هو أن عدم مواساة (رهام) وأهلها، وعدم الاعتذار لهم، وتجاهلهم سلوك مشين، ومستفز، ويحمل مقارنات وتفسيرات نحن في غنى عنها.