سادت حالة من التشظي الواضح رؤى المتحاورين في ندوة «كتابة الرأي في الصحافة السعودية» التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف، أمس الأول، فهاجم البعض كتاب الرأي، واصفا إياهم بمفتعلي الصراعات بقصد الشهرة والحصول على أكبر عدد من القراءة، فيما حمل البعض الآخر ما دعاه بقسوة المجتمع وتشدده مسؤولية الجدل الذي يثار حول موضوع الكتابة، متحفظا على مسلك بعض القراء في تنصيب نفسه وصيا على المجتمع. بداية، استعرض الكاتب الصحفي في جريدة الرياض فاضل العماني في ورقته (واقع كتابة الرأي في الصحافة السعودية) وتساءل عن مدى تمتع الصحافة المحلية بمفاهيم الحرية والاستقلال والنزاهة، ليجيب بأن الأصل في الصحافة في العالم كونها ليست حرة أو مستقلة أو نزيهة مع الفارق في ذلك. وحول تأثير الصحافة السعودية في القراء والنخب وصناع القرار، اعتبر أن تأثير الصحف ليس بالشكل المطلوب ويعتمد على الكاتب نفسه ونوعية المقالات التي تكتب والمزاج العام للظروف المحيطة، وقسم الأسلوب الذي ينتهجه كتاب المقال في الصحافة السعودية، إلى كتاب المقال الأخير التصادمي، كتاب المقال التوافقي، وكتاب المقال الهادئ الوسطي الذي يمتلك صاحبه نفسا عميقا ويمرر رسائله وأفكاره ومشاريعه على شكل جرعات خفيفة وذكية، منتقدا بعض النخب الاجتماعية، ومعتبرا إياها مشتتة وغير متجانسة ولا تملك مشروعا واضحا وتعيش صراعات أغلبها مفتعل، ما جعلها لا تشكل جبهة قوية ولا تمثل عمقا أو سندا للكاتب. ورأى العماني أن كتاب الرأي التقليدي أصبحوا يواجهون تحديا خطيرا في عصر الإعلام الجديد، حيث برز كتاب آخرون عبر تويتر والفيس بوك والواتس آب تتصدر المشهد عبر المنصات الرقمية التي يجيد التعامل معها الشباب أو حتى بعض الخبثاء من كتاب الرأي في الصحف الورقية الذين يمارسون دورهم بكل كثافة وتأثير وبشكل سريع ولحظي، وأعرب عن حيرته إزاء وضع المرأة ككاتبة في الصحافة السعودية، وقال: «لا أعلم إن كان طريقها مفروشا بالورود أم الأشواك، وبخاصة عندما تكون المرأة مالكة لمؤهلات معينة»، وفي نهاية الورقة وصف كاتب المقال في الصحافة السعودية بلاعب السيرك الذي يتوجب عليه السير على سلك رفيع شرط ألا يفقد اتزانه ويسقط وفي نفس الوقت يمتع الجمهور بحركات تحظى بإعجاب الجميع. في المقابل، شن الكاتب في جريدة اليوم محمد العصيمي هجوما عنيفا على الأندية الأدبية وفروع جمعية الثقافة والفنون، واصفا إياها ب«المقابر!»، كونها تحوي تيارات متشددة وأصحاب رؤى ضيقة بحسب تعبيره. وشهدت الندوة عددا من المداخلات، منها مداخلة لرئيس تحرير صحيفة اليوم محمد الوعيل الذي اعترف بأنه لا يقرأ سوى لكاتب واحد أو اثنين فقط، مشيرا إلى أنه يواجه انتقادات من المجتمع تجاه ما يكتبه بعض الكتاب وليس من الجهات الحكومية.