يعد الفنان السوداني الشاب محمود عبدالعزيز الذي غيبه الموت الأسبوع الماضي في الأردن خلال رحلة علاج أحد أشهر فناني جيل الشبان في السودان وصاحب الجماهير العريضة في أوساط طلاب الجامعات، وهو ذاك النجم الذي استطاع أن يحقق المعادلة بين السلم الخماسي الذي تنتهجه الأغنية السودانية في الموسيقى وسلمنا السداسي في منطقة الجزيرة العربية، وجماهيريته الكبيرة تناهز جماهيرية عبدالمجيد عبدالله لدينا في المملكة والخليج، إذا ما علمنا أن جيل الرواد في الأغنية السودانية الذين رحل معظمهم مثل محمد الأمين وعثمان حسين وسيد خليفة وصلاح ابن البادية وغيرهم الكثير جيل يقابل كبارنا في الأغنية أمثال طارق وعبدالله محمد وطلال ومحمد عبده وعبادي وغيرهم. جاءت وفاة محمود عبدالعزيز بعد صراع طويل مع المرض، إذ قضى نحبه في مشفى بالعاصمة الأردينة (عمان) التي نقل إليها من الخرطوم بعد أن ساءت حالته الصحية نتيجة لنزيف في المخ. وما يؤكد أن للفنان عبدالعزيز جماهيرية ضخمة في السودان هو أنه لدى وصول جثمانه إلى مطار الخرطوم كسر مستقبلو الجثمان حاجز ساحة المطار والوصول إلى مدرج الطائرة التي تنقل الجثمان، وقد سبق ل«عكاظ» أن أجرت حوارا مع الفنان الراحل محمود عبد العزيز في بدايات الألفية الثانية أثناء وجوده في جدة وإقامته حفلا غنائيا كبيرا على مسرح قصر خزام حضرته جماهير غفيرة من الجالية السودانية، إلى جانب محبي الأغنية السودانية ومحبي الراحل محمود عبدالعزيز رحمه الله من السعوديين والمقيمين في المملكة، وأذكر أنني وعددا من الزملاء في الإعلام المحلي في حينه أطلقنا عليه لقب عمرو دياب السودان، بعد حضوري حفله في جدة أو أنه أو «الحوت» كما يطلق عليه عشاقه ومحبوه في السودان. وخلال مسيرته الفنية التي امتدت من بداية الثمانينيات من القرن الماضي وحتى تاريخه استطاع عبدالعزيز أن يشكل حضورا في تنمية الذائقة الفنية الموسيقية في السودان، وتربع على عرش الطرب، وأنتج نحو 140 ألبوما غنائيا، وفي الغالب فإن حفلاته كانت تشهد الكثير من سيناريوهات الانفلات نظرا لكثافة حضور حفلاته. وخلال مشواره الفني، فإن محمود تغني بالكثير من الروائع، وتعامل مع العديد من الشعراء، أمثال: إسماعيل الإعيسر، إبراهيم محمد إبراهيم، وزميلنا الإعلامي وشاعر الأغنية عبدالعال السيد الذي شدا بنصه «افتقدتك يا صبا عمري وشبابي» من ألحان الهادي حامد، كما تعاون مع قائمة طويلة من الملحنين أبرزهم يوسف القديل وناصر عبدالعزيز والموسيقار عبد اللطيف خضر والفاتح حسين.. وغيرهم. «عكاظ» هاتفت عددا من الفنانين من مغنيين وملحنين في السودان، والذين أجمعوا على أن ظاهرة محمود عبدالعزيز لن تتكرر، وأنه كان فنانا أشبه بفلتة ذهب إلى الضفة الأخرى مأسوفا على إبداعه. في البداية، عبر الفنان جمال مصطفى «فرفور» عن حزنه لوفاة محمود عبدالعزيز، موضحا أن محمود كان رفيق دربه، وأن وفاته خسارة كبيرة على المشهد الفني الموسيقي في السودان. وأضاف فرفور أن محمود عبدالعزيز لم يكن فنانا عاديا، وقد استطاع خلال فترة قياسية الإمساك بزمام الساحة السودانية لما يمتلكه من حضور فني وكاريزما جعلته يتربع على قمة الهرم الفني. من جهته، قال الملحن يوسف القديل (أكثر من لحن لمحمود عبدالعزيز) إن «الموت علينا حق، وهذه إرادة الله»، موضحا أن محمود عبدالعزيز كان يمتلك كاريزما من نوع خاص وملكة تطريب من نوع نادر، ما جعله يتغلغل في الوعي الجمعي للمتلقين السودانيين، وأضاف أن محمود كان بصدد إنتاج البوم جديد من ألحانه ولكن القدر كان أسرع. وفي السياق نفسه، أوضح الفنان وليد زاكي الدين أن محمودا كان واسطة العقد بين فناني جيله، واستطاع بذكائه الاجتماعي أن يحتل قمة الهرم الفني في السودان. ومن جانبه، أوضح الملحن ناصر عبدالعزيز أن محمود كان بمثابة الأخ الأصغر بالنسبة له، وأنه كان لا يفارقه، وأن فقده كبير على المشهد الفني في السودان. إلى ذلك، أوضح الشاعر الغنائي المعروف التيجاني حاج موسى أن محمود لم يكن فنانا فحسب، بل إنه كان يتمتع بحس إنساني كبير، وأنه تعاون معه في بدايات مسيرته الفنية بأغينة يا «مدهشة».