سألني أحد الأصدقاء فيما كنا نتجادل حول قضايا الإنسان والكون.. متى يصل الإنسان إلى لحظة المصالحة مع النفس وفتح حوار عميق ومصارحة مفتوحة مع هذه النفس، وكيف يمكن الإجابة على أسئلة تتعلق بمصير الإنسان نفسه ودوره في الحياة ماهيته وهويته كإنسان كينونته ككائن. ماذا يريد؟ وماذا يرفض؟ ما هي أبرز محددات وجوده علاقته ماهيته بالدين بالواقع بالناس بالسياسة ما هي مواقفه مع كل ما يجري حوله. وكان سؤالي هو.. متى يصل الإنسان إلى لحظة الحقيقة؛ ذلك أن الحق هو فاتحة الوصول إلى الحقيقة المطلقة والوجود المطلق، وطالما ظل الإنسان واقفاً في حيرة وتردد وتيه على ضفاف الحقيقة يأخذ نصفها الأول ويرفض نصفها الآخر فلن يصل هذا الإنسان إلى لحظة المكاشفة والمصارحة التي تفضي إلى المصالحة.. ثم الدخول في لحظة الكشف أو الضوء أو لحظة اليقين التي هي نتاج لحظة الشك. قلق المعرفة عبر عنها شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني في بيت شعر عبقري ولافت: يا شعر.. يا تاريخ يا فلسفة من أين يأتي قلق المعرفة؟ إن العقل الذي هو في حالة شك دائمة لا يمكن له أن يكون متصالحاً مع الواقع على الإطلاق على العكس تماماً، إنه في حالة صدام مع هذا الواقع، إنه يبحث دائما عن المثاليات والقيم التي قد لا يجدها على أرض الواقع لكنه يظل في حالة بحث عنها يدافع عنها ويراهن على أن تكون راهناً معاشاً. إنه يظل في حالة لهاث بحثا عن أحلامه الهاربة حتى آخر نقطة حبر تسيل من قلمه وآخر نقطة دم تجري في شرايينه في تلك اللحظة المفصلية بين الحياة والموت كما هي تلك اللحظة الفاصلة بين أن يكون أو لا يكون. إن قلق المثقف انعكاس لتلك الأسئلة التي تبحث في النفس والكون والوجود والعدم وناتج لذلك القلق الذي قال عنه الناقد والمثقف البارز الدكتور سعد البازعي في كتابه «قلق المعرفة». «إن القلق ناتج الوقوف أمام الاختلاف اختلاف الثقافة عن ثقافة أخرى أو هو ناتج الأسئلة المحيرة التي لا تتوقف المعرفة عن طرحها المتنامي من خلالها سواء كان ذلك أمام المفكر أو أمام الشاعر أو أمام الفنان إنه القلق المتولد». وإن «الاطمئنان الداخلي هو نقيض القلق والقلق هو مصير المعرفة». وكما أن الإنسان في داخله تتصارع قوى الخير وقوى الشر فإما أن تنتصر الأولى أو تنتصر الثانية، كذلك تبدو وتتبدى سلطة المعرفة داخل نفس وعقل هذا الإنسان وأية معرفة تلك وما هي قيمتها وعمقها وسطحيتها أيضاً إذ ليست كل معرفة هي معرفة بالمعنى الحقيقي للمعرفة، المعرفة تأتي من الكتب، لكن معرفة الواقع هي معرفة المعرفة، ومعرفة وفهم الكون والبشر والكائنات، والتعرف على الكون أعمق تجليات المعرفة. إن الأسئلة الوجودية أسئلة قلقة متوترة وهي أسئلة تتعلق بمصير الإنسان ماهيته وهويته كإنسان وكينونته ككائن، إن المعرفة سؤال. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة