كلما حل موعد الأمطار والسيول تبدأ الإسطوانة المكررة كل عام، وهي إسطوانة بكائية دائما تتحسر على حالنا وحال مشاريعنا التي لم تقدم لنا حلولا جذربة، وتتساءل باستغراب أين التخطيط ووزارته، وأين بقية الوزارت المسؤولة عن الخدمات وهي تحظى بميزانيات فلكية، بل أينها من الكوارث التي تتكرر أمام أعيننا والعالم أجمع بعد أن أصبح الخبر بالصورة والصوت يصل كل أرجاء العالم لحظة حدوثه.. كل عام تكون جدة الأبرز، لكن المشكلة موجودة في معظم المناطق، وربما تكون المفاجأة هذا العام ظهور منطقة تبوك على مسرح الحدث، وبحضور قوي. تبوك الواقعة في شمال البلاد وليست مكتظة بالسكان وطبيعة صحراوية تقريبا استطاعت أن تثبت أن « الشر يعم» ولا يستثني موقعا لأن الخدمات والمشاريع هي نسخ مكررة برداءتها في كل مكان. والحقيقة أنني قررت عدم الكتابة عن أي كارثة بسبب الأمطار والسيول هذا العام لأنني أعتقد أننا استنزفنا كل الكلام، وسفحنا كل الدموع، وعبرنا عن كل الأحزان على مدى أعوام لا حصر لها ولم يتغير شيء يذكر، فما الداعي لوجع القلب بإعادة كل ذلك هذه المرة، لكن تبوك هي التي أثارتني وجعلتني أتراجع عن قراري. كلكم أيها الزملاء والزميلات كتابا وكاتبات، وكلكم يا أفراد المجتمع مبتئسون من هذه الكوارث المتكررة. الجميع يبحث عن سبب هذه المعضلة الأزلية مع أنه معروف وواضح، لكننا نوارب الكلام ولا نباشر الوطن بالحقيقة المحضة بسبب الحساسية المفرطة من القول الصادق لدى كثير من الجهات، رغم أن الوطن لا يحتاج شيئا غير الوضوح إذا كنا نحبه بصدق ونحرص عليه. الوطن يحتاج أن نسمي الأشياء بأسمائها، ونشير إلى المقصرين بأسمائهم، ونقول بصوت عال لكل متهاون في حق المواطن ارحل لأنك لا تمثل طموح الوطن وتطلعاته، والأهم لأنك لا تمثل طموح قائد الوطن وصدقه وحرصه وشفافيته، ولا تستحق كل الدعم الذي لا يحلم به مسؤول في أي مكان في الدنيا. هؤلاء الذين لا يهمهم الوطن، ويعيثون فيه إهمالا، ويهدرون أمواله لم يعد ينفع معهم التسامح بإزاحتهم «بناء على طلبهم». لا بد من سؤالهم ومحاسبتهم على كل شيء. لا بد أن نصرخ في وجوههم بسؤال المطربة جوليا بطرس في أغنيتها الغاضبة: «وين الملايين» مع أن المسألة أصبحت مليارات وتريليونات وليست ملايين. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة