استكمالا لحديث الأمس حول ما يواجه تنمية المرأة من تحديات يمكن لنا الإشارة إلى بعض التحديات مثل ما يظهر من حين لآخر من اعتراضات الفكر الديني المتشدد والمغالي في الإنكار على المرأة التمتع بكثير من المزايا المباحة في الإسلام لمجرد الاستناد على قواعد (تحوطية) كقول «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» أو «سد الذرائع اتقاء للشر» أو «اتباع الأحوط لضمان النجاة من الإثم» ومثل طبيعة المجتمع المحافظة، التي تكره التغيير وتميل إلى الإبقاء على الصورة النمطية لدور كل من المرأة والرجل في المجتمع. إضافة إلى الأفكار المتعلقة بالاستهانة بعمل المرأة واعتباره أمرا هامشيا وليس جزءا أصيلا في تنمية المجتمع. ففي الثقافة المجتمعية عمل المرأة يطلب متى كانت مضطرة إلى سد حاجتها الاقتصادية، وليس من أجل مصلحة اجتماعية عامة، فضلا عن موقف المرأة نفسها المتأثر بتلك الثقافة فالمرأة تنظر إلى ذاتها من خلال ثقافة المجتمع الذي تنشأ في داخله، وثقافة المجتمع عندنا ما زالت إلى اليوم تلقن الفتيات منذ الطفولة قيما ثقافية تزيف مفهوم الذات عند المرأة مثل حاجة المرأة إلى حماية الرجل، وأن البيت مملكة المرأة، وأن الدور الرئيسي الوحيد للمرأة هو الإنجاب، وأن الرجل له خصائص وسمات تفوق ما لدى المرأة. ويمكن أيضا أن نضيف إلى التحديات الثقافية موقف الثقافة الخاذل للمرأة المعنفة أو المظلومة، فالمرأة في هذه الحال، ليس أنها لا تجد الدعم الكافي لنصرتها، بل قد تقابل بتلقينها الصبر والتحمل والسكوت، خاصة متى كان المعنف أبوها أو زوجها، ومن المتوقع أن تعرض المرأة للعنف والظلم ينعكس أثره عليها في صورة اكتئاب وأمراض نفسية، تقلل من حيويتها وتفاعلها الإيجابي مع الحياة. هذه التحديات تجعلنا ننظر إلى المستقبل في شك، فالتغير نحو الأفضل لن يتحقق ما لم تكن هناك استراتيجية واضحة للتغلب على تأثيرات الثقافة الخاذلة للمرأة. فالعالم اليوم بات يتجه إلى إزاحة الفروق النوعية وتصيد الكفاءات والقدرات الأعلى أينما وجدت، بصرف النظر عمن تتوفر فيه ذكرا أو أنثى. أي أن فرص التفوق أمام المجتمعات، متاحة أكثر للمجتمعات التي تركز على استهداف الكفاءات والقدرات الأكبر دون التقيد بقيد الجنس، فهل نحن ندرك هذه الحقيقة؟ وما هي استعداداتنا من أجل المستقبل؟ هل توجد لدينا استراتيجية وخارطة طريق نتبعها لنصل إلى المستقبل الذي نطمح إليه، أم أننا تركنا الأمر لمهب رياح الثقافة المجتمعية كيفما مالت ملنا معها؟ للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة