لم يعد الوضع يحتمل إدارة السياسة بلغة تحجب واقع المشاكل، ولم يعد مجديا الحديث عن المخاطر التي تتجلى أمامنا في اليمن دون اتخاذ قرارات جريئة. نحتاج، ابتداء، إلى فهم واقع التوافق الذي أسست له المبادرة الخليجية، وتقديم قراءة جديدة للتسوية في ظل التخبط الذي تعيشه الأطراف المعنية وتعاظم التناقضات المهددة للأمن القومي. واقع الحال يؤكد أن المبادرة واقعة بين فكي كماشة الموقعين عليها والرافضين لها، وقد تقضي على الأمل الذي بثته المبادرة بعد أن كاد اليمن يختنق بنفسه. على الرئيس هادي أن يدرك أن الاستكانة للواقع دون معالجة الإفرازات الناتجة عن الصراعات المتداخلة والمعقدة يهدد المبادرة، وإعلان الالتزام بالمبادرة دون فهم النتائج العملية لبنودها قد يؤدي إلى فشلها، ولا بد من اتخاذ قرارات قوية وحاسمة لإسناد المبادرة وتدعيم قوتها وحمايتها. المبادرة الخليجية قد تفقد حيويتها في ظل الصراعات التي تنتجها النخبة. ومع اتساع الانقسامات على المستوى السياسي والاجتماعي، وتطور حالة استقطاب طائفي وجغرافي، فإن الفوضى الأمنية تزحف، ويصبح النسيج الاجتماعي في خطر، ولا خيار أمام الرئيس هادي إلا أن يتخذ قرارات جادة؛ حتى يتمكن اليمنيون من تجاوز الواقع الراهن الذي يهدد التسوية السياسية. الرئيس هادي لم يخطط يوما ليكون رئيسا، وقد وضعه القدر كقائد لفترة انتقالية هي الأخطر في تاريخ اليمن، باختصار، التسوية السياسية تحتاج إلى توحيد إرادة الجيش والمؤسسة الأمنية، باعتبارهما العمود الفقري للدولة، من خلال تشكيل مجلس عسكري برئاسة هادي، وإعادة ترتيب أوضاع الحكومة، وتشكيل كتلة تاريخية بأهداف استراتيجية واضحة، ووضع استراتيجية متكاملة للمصالحة الوطنية، ومحاصرة قوى التمرد، وملاحقة شبكات التخريب.