انتقل الحديث عن الذهاب بملف الجرائم التي ترتكب في سوريا من قبل النظام بحق شعبه الى المحكمة الجنائية الدولية من سياق المنظمات المدنية غير الرسمية الى سياق دولي مع اعلان وزارة الخارجية السويسرية رغبتها بالذهاب بالملف الى المحكمة الدولية مع دعم دولي واسع ليرتسم تساؤل كبير ماذا سيكون موقف روسيا؟ سويسرا ومحاكمة الأسد جنائياً تحليل د. سامي نادر الذهاب بملف الاغتيالات والجرائم التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه منذ ما يقارب العامين الى المحكمة الجنائية الدولية بات من الناحية القانونية امرا منطقيا، لا بل واجبا دوليا تجاه شعب يتعرض لمجازر وقتل واغتصاب بشكل ممنهج وشبه يومي. التطور الذي حصل في هذا الملف ان الذهاب بالملف السوري الى المحكمة الجنائية الدولية قبل هذه الفترة كان تحركا عبر المؤسسات المدنية والاهلية الدولية والعربية الا انه وفي الفترة الاخيرة وتحديدا مع القرار السويسري بتقديم الملف لم تعد هذه المسألة في اطار عمل المنظمات بل انتقلت الى اطار دولي مما يعني ارتفاع مستوى الجدية في التعاطي. سويسرا من موقعها كدولة حيادية ولا دخل لها لا من قريب ولا من بعيد بالصراعات الدولية الحاصلة اضافة لدعم 52 دولة لها بهذا الملف يجعلها تشكل حالة احراج شديد للدول التي تعارض هذا التوجه، فالتحرك السويسري يعطي المسألة وقعا كبيرا ويشكل احراجا لروسيا والصين في مجلس الامن الدولي. لأن التبني السويسري يعطي المسألة بعدا انسانيا ويحيد التعليلات والتبريرات السياسية والمصالح الدولية. إن صراع القوى الحاصل حيال الثورة السورية من ثورة الشعب الى صراع ممكن ان يؤدي الى حرب دولية ومما لا شك فيه ان هذه المبادرة ستصطدم بفيتو روسي ولكنها ستترك اثرا سلبيا على صورة روسيا بالعالم، فالموقف الروسي لم يعد اليوم كما كان في السابق ولا بد من التأكيد ان التصلب الروسي يفسر خطأ من قبل الكثيرين فإذا نظرنا الى موقف رئيسها فلاديمير بوتين غير المتعلق ببشار ودعوة موسكو المعارضة السورية الى زيارتها كل هذه المؤشرات تدل ان هناك تغييرا بالموقف الروسي. اما تصلب وزير خارجية روسيا لافروف فهو تصلب تفاوضي من اجل الدخول في مفاوضات مقابل لا احد يريد ان يدفع الثمن الروسي في هذه المفاوضات ولكن من يدفع الثمن هو الشعب السوري. النظام السوري لا يعتمد المنطق التفاوضي وهذا يظهر من خلال التصاريح، فبشار الاسد يريد المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة ويريد المشاركة ايضا في الحكومة الانتقالية، كذلك في خطابه الاخير كان يناشد الشعب السوري، بمنطق انا أو لا أحد والخطاب الاخير موجه الى الداخل قبل ان يكون موجها للعدو، توجه الى العدو وإلى الغرب وقال للروس: أنا لدي شروط للتفاوض. ان بيان الخارجية السويسرية حول الذهاب بالملف السوري الى المحكمة الجنائية ليس صفقة دولية على حساب نظام الاسد لأن الصفقات الدولية لا تعقد في دوائر المحاكم الجنائية، المحكمة الجنائية الدولية تحاكم على جرائم حقوق الانسان التي ارتكبت في سوريا ولا أرى ان هناك مجالا لصفقة من أي نوع.