أعلن باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة خلال عرضه تقرير حول الأوضاع في سورية في مجلس حقوق الانسان في جنيف أمس أن انتهاكات حقوق الانسان في هذا البلد شهدت أخيراً زيادة «في العدد والوتيرة والحدة»، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى التحرك لمحاكمة المتورطين «جنائياً». وقال محققو الأممالمتحدة أمس إنهم وضعوا «قائمة سرية جديدة» بأسماء سوريين ووحدات عسكرية يشتبه في ارتكابهم «جرائم حرب». وأضاف المحققون المستقلون بقيادة بينيرو إنهم جمعوا «مجموعة من الأدلة القوية والاستثنائية» حول جرائم في سورية ارتكبتها القوات الحكومية، وبشكل اقل المعارضة المسلحة. وأكد التقرير انه تم اعداد لائحة سرية بأسماء مسؤولين في خطوة اولى نحو ملاحقات دولية محتملة. واشار بينيرو الى ان هذه اللائحة ستسلم الى المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان بانتظار ايجاد آلية تمكن العدالة الدولية من الاقتصاص من المسؤولين عن ارتكاب جرائم. وقال بينيرو: «ارتأت اللجنة عدم نشر الاسماء لان المستوى المعتمد للادلة في لجان التحقيق ادنى مما هو في المحكمة» وللحؤول دون «خطر انتهاك الحق في افتراض البراءة». ولم يذكر ما اذا كانت أسماء مقاتلين معارضين واردة في القائمة الجديدة التي تعد تحديثاً لقائمة سابقة قدمها فريقه الى نافي بيلاي مفوضة الاممالمتحدة السامية لحقوق الانسان في شباط (فبراير). وقال الخبير البرازيلي امام مجلس حقوق الانسان: «أوصينا بنقل تقريرنا الى مجلس الامن... بطريقة تسمح له باتخاذ الاجراءات المناسبة نظراً لخطورة الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي ترتكبها القوات الحكومية والشبيحة ومجموعات معادية للحكومة». وتفادى بينيرو في تقريره الحديث عن المحكمة الجنائية الدولية التي لا يمكن اللجوء اليها الا عبر مجلس الامن، وهو ما فسره مصدر ديبلوماسي غربي في جنيف بغياب التوافق حول هذا الامر. وعرض بينيرو أحدث تقرير لفريقه والذي أصدره الشهر الماضي قائلاً إن قوات الحكومة السورية وميليشيات متحالفة معها ارتكبت «جرائم حرب» منها قتل وتعذيب المدنيين في سياسة موجهة من الدولة في ما يبدو. وتقول الاممالمتحدة إن أكثر من 20 ألفاً قتلوا في الانتفاضة السورية المندلعة منذ 18 شهراً ونزح 1.2 مليون بسبب الصراع كما فر أكثر من 250 ألفاً الى الخارج. وقال بينيرو إن امدادات الطعام والماء والدواء شحت في المناطق التي تقصفها القوات الحكومية جواً وبراً وتحاصرها، مضيفاً ان المحققين تلقوا «تقارير عدة...عن مدنيين يعيشون بالكاد على ما يبقيهم على قيد الحياة». ومضى الخبير البرازيلي يقول إن هناك «وجوداً متزايداً ومقلقاً» لإسلاميين متشددين في سورية بعضهم انضم إلى المعارضة في حين يعمل آخرون بشكل مستقل. وأضاف أن وجودهم يؤدي الى اضفاء طابع متشدد على مقاتلي المعارضة الذين ارتكبوا أيضا جرائم. وقام فريقه بأكثر من 1100 مقابلة مع ضحايا ولاجئين ومنشقين عن الجيش السوري على مدى عام. وقال: «لم نجر لقاءات مع جنود جرحى أو أسر قتلى من عناصر الحكومة لأن الحكومة السورية لم تسمح لنا بدخول سورية». ودعت المندوبة الاميركية في مجلس حقوق الانسان ايلين تشامبرلين دوناهو إلى ان يستمر المحققون في عملهم. وقالت تشامبرلين دوناهو أمام المجلس: «هذه الجرائم تشير الى سياسة متعمدة من قبل الدولة». وحثت السفيرة الاميركية لجنة التحقيق على متابعة «الجهد التوثيقي» الذي تبذله. كما ندد السفير الفرنسي نيكولا نيمتشينو ب «جرائم تشير إلى سياسة تنتهجها الدولة ضد شعب بأسره». وتابع السفير الفرنسي: «علينا ان نجد معاً الشروط لإحالة الملف الى المحكمة الجنائية الدولية. الجرائم المرتكبة هائلة». واضاف ان «لجنة التحقيق القت بوضوح المسؤولية على النظام في مجزرة الحولة التي قضى فيها نساء واطفال». وحول هذه النقطة اعتبرت ممثلة روسيا ماريا خودينسكايا غولينيسكفا ان استنتاجات لجنة التحقيق بشأن الحولة كانت ستختلف لو تمكن المحققون من الدخول الى سورية. وقالت إن مقاتلي المعارضة يرتكبون «اعمالا ارهابية» منها الاعدام وان الجهاديين أصبحوا أكثر نشاطاً نتيجة «للدعم من الخارج». وتابعت في جنيف: «هناك مرتزقة جهاديون يحاربون في صفوف المعارضة. من هم في نظر بعض الدول يحملون الديمقراطية الى المنطقة يرتكبون في واقع الامر جرائم قتل جماعية... انهم يفتحون النار عمداً على السكان المسالمين الذين يؤيدون الحكومة... ويستخدمون الرهائن كمفجرين انتحاريين والاطفال كجنود». فيما وصف المبعوث التركي اوجوز دميرالب الصراع في سورية بأنه «خطر حقيقي على الامن الدولي». وقال: «نريد ان نوجه رسالة لمن ارتكبوا عمداً جرائم في سورية وأيضا لمن أمر وخطط وحرض وساعد هذه الجرائم... انهم سيحاسبون». وذكر السفير السويسري لدى الاممالمتحدة في جنيف دانتي مارتيلي بأن العديد من الدول كانت تبحث توجيه رسالة الى مجلس الامن. واشار الى «وجوب فتح تحقيق في كل مزاعم الانتهاكات بغية ملاحقة المسؤولين عنها». وتابع السفير السويسري ان بلاده «وبدعم من مجموعة دول، تسعى الى توجيه رسالة الى مجلس الامن لمطالبته بتحويل الوضع في سورية الى المحكمة». واضاف ان سويسرا «تدعو كل الدول الموقعة وغير الموقعة لاتفاق روما (انشاء المحكمة الجنائية الدولية) الى دعم هذه المبادرة». من ناحيته، اتهم السفير السوري فيصل خباز حموي قوى غربية وعربية بارسال اموال واسلحة لدعم مقاتلين وصفهم بأنهم «جهاديون». وحذر من ان هذه الخطة ستجيء بنتائج عكسية. وقال إن «المرتزقة» قنبلة موقوتة ستنفجر لاحقاً في البلاد وفي الدول التي تؤيدهم بعد ان يفرغوا من «مهمتهم الارهابية» في سورية. وأضاف أن من ضمن الحقائق التي قال إنها لا تظهر في التقرير أن أطرافاً دولية عديدة تعمل على تصعيد الازمة في سورية من خلال تحريض وسائل اعلامها ومن خلال تدريب المرتزقة وعناصر القاعدة وتمويلهم وارسالهم الى سورية «للجهاد». ووصف الحموي التقرير بأنه «غير دقيق»، موجهاً الاتهام الى كل من يدعم حمام الدم للشعب السوري. واكد الحموي ان 17 دولة تقوم بارسال «ارهابيين جهاديين» بهدف تفكيك الشرق الاوسط الى «امارات اسلامية». واعدت لجنة التحقيق عدة تقارير منذ اكثر من عام الا انها لم تحصل على ضوء اخضر من دمشق لدخول سورية. وتسعى دول غريية إلى إدانة أخرى لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد ولتمديد تفويض اللجنة بالتحقيق والذي ينتهي هذا الشهر. وقالت ماريانجيلا زابيا سفيرة الاتحاد الأوروبي في الجلسة التي حضرها المبعوث السوري: «على المجتمع الدولي أن يضمن عدم انتشار مبدأ الإفلات من العقاب». وتنتهي ولاية لجنة التحقيق مع انتهاء الدورة الحالية لمجلس حقوق الانسان (28 ايلول - سبتمبر). وطلبت عدة دول تمديد ولاية اللجنة وتوسيعها. ومن المتوقع التصويت على قرار بهذا الشان في الايام الاخيرة من هذه الدورة. باريس تتحدث عن «أدلة دامغة» ضد دمشقوبكين ترى أن الحل «يجب أن يأتي من الشعب» أعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أن تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سورية يتضمن «أدلة دامغة ضد نظام دمشق» الذي ارتكب «جرائم غير مسبوقة». وقال لاليو إن التقرير «يتضمن أدلة دامغة ضد نظام دمشق» و «يجمع عناصر كافية... لإثبات ارتكاب النظام السوري وميليشياته جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على نطاق واسع». وندد الناطق بارتكاب «جرائم غير مسبوقة ومنهجية تندرج في سياق سياسة دولة»، مؤكداً أنه «لن يكون هناك إفلات من العقاب». وكرر أن الرئيس السوري بشار الأسد يتحمل «مسؤولية هذه المجازر». وتابع أن «المجموعات المسلحة المعارضة يجب أن تمتنع هي أيضاً عن ارتكاب جرائم حرب غير مقبولة من جانبها أيضاً»، موضحاً أن «فرنسا تدعو جميع أطراف الأزمة السورية إلى وقف انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني فوراً» وهي «تدرس سبل إحالة المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية». وفي برلين، أبدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل «أسفها البالغ» لعدم مشاركة كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن للإدانة السياسية من جانب أوروبا والولايات المتحدة وبعض الدول العربية لسورية. وزادت في مؤتمر صحافي أمس «أذكر ذلك دائماً في المحادثات مع القيادة الصينية والرئيس الروسي. الوضع الإنساني مأسوي.. لسوء الحظ لم يتمكن مجلس الأمن من التصرف وأتمنى أن يحقق المبعوث الدولي (الأخضر الإبراهيمي) نجاحاً أكبر من سلفه». في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي إن الحل السياسي للأزمة السورية يجب أن يحدث بقيادة الشعب السوري، مكرراً رفض بكين أي تدخل خارجي. وقالت الخارجية الصينية في بيان على موقعها على الإنترنت إن يانغ أدلى بهذه التصريحات خلال لقاء مع ممثل هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي السورية.