أثار خلو القائمة الطويلة التي أعلنتها جائزة الشيخ زايد للكتاب «المؤلف الشاب» من أي اسم سعودي العديد من التساؤلات حول الأسباب التي منعت ظهور تلك الأسماء، على الرغم من أن المملكة شاركت في مسابقة الدورة السابعة 2012 2013 إلى جانب 32 دولة عربية وأجنبية وصلت عدد مشاركاتها إلى 298 مشاركة (حسب الموقع الرسمي للجائزة). وأرجع عدد من الأدباء والنقاد غياب الأسماء السعودية عن القائمة المعلنة، والتي تضمنت تسعة أعمال في مجال الرواية، القصة القصيرة، الفنون، الدراسات النقدية، التنمية وبناء الدولة، والأطروحات الجامعية المنشورة في كتاب لعدد من الأسباب، على رأسها هيمنة ثقافة المركز في العراق وبلاد الشام ومصر والمغرب على المشهد الثقافي العربي، والتصور الخاطئ للقائمين على الجوائز الخليجية لإرضاء تلك الأطراف. «عكاظ» ناقشت القضية مع عدد من الوجوه الأدبية والنقدية، وخرجت بما يلي: يقول الدكتور عبدالله السمطي (ناقد) إن الجوائز التي تقام في الخليج بشكل عام يلاحظ أنها تحتفي أكثر بغير أهل الخليج بمعنى أن معظم المتقدمين لهذه الجوائز، ومنها جائزة الشيخ زايد للكتاب بالطبع، جلهم تقريبا يمثلون الثقافة التقليدية التي هيمنت عليها ذهنية المركز والأطراف، فالثقافة في العراق وبلاد الشام ومصر والمغرب ما زالت تشكل صورة نمطية (مرعبة) لمختلف القراء في الوطن العربي، ويبدو أن القائمين على الجوائز في منطقة الخليج العربي قد تأثروا بهذه الصورة النمطية، فيروعهم جدا أن لا تتوجه الجوائز إلا لأصحاب هذه الذهنية المكرسة، وأن هذه الجوائز تأخذ زهوها وصورتها الساطعة حين يفوز بها أحد المنتسبين إلى ثقافة المركز، وهذه صورة غير صحيحة وغير عادلة حين لا تكتشف هذه الجوائز أبناءها المهمشين، فمن العدالة بمكان أن يتم النظر إلى الأعمال الفائزة بشكل فني وجمالي لا بشكل دعائي. ترشيح خجل أما الدكتور عبد المحسن القحطاني، فقال إن القضية لا تعود إلى ضعف الأعمال السعودية المقدمة، وإنما إلى ضعف ثقافة الترشيحات، بمعنى أن الترشيحات قليلة لا تتساوى مع النتاج الأدبي الشبابي، مشيرا إلى أنه لو تم تغطية هذا الحقل بجميع فروعة لوجدنا أسماء سعودية في هذه القائمة. وأضاف: «قد يكون جرى الترشيح بعمل أو عملين، وهذه اعتبرها ترشيحا خجلا، وليس ترشيحا حوى كل نتاج الشباب السعودي في الساحة الأدبية؛ ولهذا أرى أننا نحتاج إلى ثقافة الترشيح قبل أن نرشح، إذ أكثر الجهات لا تسعف نفسها في متابعة الترشيح، وإنما حسب ما يعني لها أو يخطر في بالها، لافتا إلى أنه لا يحق لنا أن نلوم المنجز الشبابي، بل اللوم كاملا يقع على ثقافة الترشيح. عزوف الشباب ويستبعد الدكتور عبدالله عويقل السلمي رئيس النادي الأدبي في جدة أن يكون هناك عملية انحياز لطرف ضد آخر في النتائج بقوله: «أثق تماما في الجائزة والقائمين عليها، واللائمة تقع على المؤسسات الثقافية التي لم تستطع أن تستقطب الشباب أو تتبنى الإبداع الموجود لديهم في كل الأجناس الأدبية». وأضاف «هناك جانب آخر في العملية يتمثل في أن الشباب أنفسهم أصبح لديهم من الاهتمامات ما يولد عندهم العزوف عن الانكباب على الكتاب قراءة وتنسيقا واهتماما معرفيا، فضلا عن التأليف، وهذه القضية هي مسؤولية كبرى ينبغي أن تتبناها مؤسسات ثقافية وتربوية تحاول لفت الأجيال إلى أهمية الكتاب، وضرورة المشاركة فيه والتعايش معه، بوصفه جزءا من المكون الثقافي المكمل للشخصية. مهمة المبدع ويوافقه الرأي الدكتور مبارك الخالدي (ناقد)، حيث يقول: «أنا أحترم المعايير التي تتبعها أي جائزة من الجوائز عموما، ولا أنظر إليها من منظور نظرية المؤامرة وليس موقفا عدائيا تجاه النتاج الأدبي السعودي». ولكنه يذهب في اتجاه آخر حين يقول في تعليقه: «القائمة الطويلة المعلنة يبدو أنها لم تناقش الأعمال التي لم تصل بجدية، ولنحسن الظن بالآخرين». ويؤكد أنه إذا لم يوجد عمل سعودي في القائمة فهذا ليس نهاية العالم، ولنبق متفائلين، وأنا اعتقد أن مهمة المبدع تبقى في الكتابة والإبداع، ولا يضع عينه على الجوائز بل لمن يكتب وهو الأهم. تشكيك ويشكك القاص محمد المزيني بجدية بعض الجوائز العربية بقوله: «شخصيا ينتابني شك بجدية هذه الجوائز ومصداقيتها، وإذا تجاوزنا هذه الإشكالية ودخلنا في التفاصيل الأخرى المتعلقة بالتنظيم والتواصل، أي تسويق الجائزة على المستوى الإعلامي، ومثل هذه لكافة الجوائز في الوطن العربي، نجد أنها دائما ما تكون ضعيفة ولا تسوق بشكل جيد إعلاميا على الأقل». وأشار إلى أن التواصل من خلال المواقع ليس مجديا ما لم ينبه الكاتب إلى وجود مثل هذه الجوائز، ومواعيد التقديم للمشاركة فيها، حتى يكون لديه حافزا للمشاركة فلن يصل إليها، ولن تصل إليه، وبالتالي لو أخذت جائزة الشيخ زايد الصدى الإعلامي على غرار شاعر المليون أو أمير الشعراء لوجدنا الاحتفائية اللائقة بها، ولبرزت مجموعة من الأسماء سعودية كانت أو عربية في المشاركة وربما الفوز. ويضيف: «لكن يبدو لي بأن أكثر الأسماء المشاركة وصلت إلى الجائزة بالوصايا أو الترشيح المسبق، والعاملون في الجائزة يهمهم جدا الوصول لأسماء معينة». ويستطرد: «لذلك يتم التواصل المنظم مع هذه الأسماء لتأخذ الجائزة الزخم الإعلامي الذي يريده هؤلاء المنضمون». ويؤكد المزيني أنه على المستوى الشخصي كان يعلم بأن هناك جائزة تسمى جائزة الشيخ زايد للكتاب، لكنه يرى أن التوقيت في ترتيب قبول الترشيحات يفوته مثلما يفوت كثيرا من الكتاب، ويضرب مثلا ببعض الجوائز العالمية، حيث جرت العادة لديها كما يقول بان تبعث استماراتها أو خطاباتها إلى هيئات الثقافة في جميع الدول لترشيح كتابها. ويخلص إلى القول: «من المؤسف أن هذه الجائزة تفاجئنا بالإعلان عن قائمتها الطويلة، وكأنها في هذه الحال تحاول أن تخدم أهدافا خاصة جدا». من ناحيته، أوضح عطا الجعيد رئيس نادي أدبي الطائف أنه، ومن خلال متابعاته ومعرفته لأعمال اللجان، يستبعد تماما أن هناك انحيازا في إعلان القائمة، معللا ذلك بأن المشاركات التي تصل كثيرة، ومن ثم يتم استبعاد من لا تنطبق عليه شروط المشاركات، بينما التي تنطبق عليها الشروط يتم تقديمها إلى لجان التحكيم بدون أسماء، والتي تشكل عبر لجان مختلفة، وهناك لا يوجد أي مجال للانحياز هذه نقطة. مسؤولية مشتركة النقطة الثانية عدم وجود أسماء للسعوديين في القائمة المعلنة هناك مسؤولية مشتركة، بين المستبعدين والمؤسسات الثقافية المختلفة، فإذا لم تكن هناك أسماء سعودية في القائمة لا يعني أن الأعمال الأدبية السعودية لا ترقى لمستوى الجائزة لأن هناك مبدعين لا يجيدون المشاركات بهذا الشكل، ولكن في نفس الوقت ينبغي على المؤسسات الثقافية أن يكون لها دور للتعريف بهؤلاء. تحكيم غير دقيق من جهتها، قالت الدكتورة عائشة الحكمي أستاذ مساعد الأدب الحديث في جامعة تبوك أن الإجراءات التي تتخذها هيئة الجائزة تجعل المتابعين للمسابقة يطمئنون إلى موضوعية العمل فيها، لكن أمام الكم الهائل من المشاركات على مستوى الوطن العربي تحتاج فيه قراءة الكتب إلى بال طويل كي يدقق في موافقتها لاشتراطات الجائزة، والذي أراه أن لجنة التحكيم العلمي لا تقوم بالعمل كما ينبغي، إذ يكون الأعضاء فيها منشغلين بأعمال أخرى، فيؤدون عملهم في هيئة الجائزة سريعا، فيكون التحكيم غير دقيق، والمتابع لشأن هذه الجائزة يتذكر الضجة التي أحدثها فوز كاتب جزائري في الدورة الرابعة ثم سحب الفوز، حيث اتضح للقراء والمتابعين أن الكتاب الفائز مستل من كتاب للغذامي بما يقارب 30 %، ولم يكتشف ذلك أعضاء لجنة التحكيم.. وهذا نموذج يدعو للتساؤل حول ضرورة ضبط الموضوعية في هذه الجائزة المهمة. وتؤكد أن عدم وجود اسم سعودي في الدورة السابعة هو أمر ملفت، لكن لا يعني ذلك أن نتاج الشباب لا يرقى إلى مستوى المشاركة، فهذا أمر مستحيل، المؤلف السعودي أصبح منافسا قويا، كما أنني أستبعد للغاية إقصاء لجنة التحكيم للمؤلف السعودي لأن المحكمين كثر ومن ثقافات متعددة، والأهم أن الباحث المحكم كما أشعر اعتاد على الحيادية والموضوعية في النظر إلى الأمور، وقد يكون من سياسة هيئة الجائزة كذلك إخفاء اسم المؤلف بحثا عن مصداقية التحكيم.