تروي بعض كتب التاريخ الإسلامي أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في داره المتواضعة في المدينةالمنورة فجاءه فيها كل من أبي سفيان بن حرب وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، وبلال بن رباح وسلمان الفارسي رضي الله عنهما، ووقفوا ببابه، فسأل عمر خادمه قائلا: من بالباب فأجابه: أبو سفيان وعمرو بن العاص، فقال له: ومن غيرهما فقال: بلال بن رباح وسلمان الفارسي، فأمره بإدخال بلال وسلمان أولا، فظهر الغضب على وجه أبي سفيان ولاحظ ذلك عمرو بن العاص فقال له: لا تنتفخ أوداجك يا أبا سفيان فو الله لقد دعيا فأجابا ودعينا فامتنعنا! هذا الموقف التاريخي فيه دروس عديدة منها أن الخليفة الراشد لم ينظر إلى الواقفين ببابه من زاوية النسب والشرف والأرومة ولا من ناحية الفقر والغنى، وإنما من زاوية التقوى، فوجد أن بلالا وسلمان أحق من سيدي قريش بالأولوية في الدخول عليه، ولو أنه لم يطبق معيار التقوى والأسبقية في الإسلام لقدم عليهما أبا سفيان وعمرو بن العاص لمكانتهما الاجتماعية في قريش، ولكنه فضل عليهما بلالا الحبشي وسلمان الفارسي لأنه آمن بالقاعدة الربانية العظيمة «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ولكن هذه القاعدة التي طبقها الخليفة الراشد قلما تجد من يحفل بها في هذه الأيام، فقد أصبح المقياس الذي يقدم به الناس بعضهم على بعض مقياسا ماديا جافا لا علاقة له بالتقوى أو العلم أو الصلاح، فكم من خلق لم تكن الأخلاق النبيلة من طباعهم ولا الشرف والمروءة من صفاتهم ولكنهم أصبحوا ممن تفتح لهم الأبواب وتوسع لهم صدور المجالس لمجرد أنهم أصحاب مكانة وكم من علماء أفاضل وأهل شرف ومروءة أوصدت الأبواب في وجوههم لأنهم من رقيقي الحال، فقد تغيرت المعايير وأصبحت المادة فوق الأخلاق والوجاهة فوق التقوى والاستقامة وساد المال حتى قال عنه الشاعر: فهو اللسان لمن أراد فصاحة وهو السلاح لمن أراد قتالا! للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة