التأريخ ماهو إلا للموعظة، والعبرة، والاعتبار، جاء القرآن الكريم بالقصص الحق ليخبر عن ما دار في أزمنة ومآل أصحابها، وليخفف وطأة الحزن والألم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، قال تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون ) وقال تعالى (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا ) طه 99.. يحدثنا التأريخ عن سيرة بلال بن رباح رضى الله عنه وسيرة صاحبه خباب وغيرهم من الصحابة الذين لاقوا التعذيب والتنكيل على أيدي جلاديهم جراء ايمانهم بعقيدتهم ومبادئهم وايمانهم بقضيتهم وبما هو حق، يٌنّكل أمية بن خلف ببلالٍ أيما تنكيل يجلده، يوقفه بشمس مكة الحارقة، يضع الحجر على صدره، يضربه بالسياط ويردد بلال كلمة واحدة أقتنع واعتقد بها ( أحد أحد، أحد أحد ) يمل خلف من ضربه ويزهد به ويقبل أبا بكر رضى الله عنه ليشتريه ويعتقه من عبث ذلك العابث الجائر الظالم فيقول خلف: من يشتري هذا الصابئ؟ فيقول أبو بكر: أنا اشتريه وخلف يردد لو ابتعته بعقال بعير لبعتك إياه فيرد أبو بكر والله لو وزنته ذهباً لاشتريته ويجيئ جزاء أبو بكر وبلال من فوق سبع سماوات فيبشران بالجنة التي عرضها عرض السماوات والأرض. ما أشبه هذا الحدث التاريخي بما رأيته بالقنوات الفضائية من تعذيب ذلك الشيخ السوري والتنكيل به على يد ِجنود وضباط وعسكر، يضربونه بالسياط حتى ملوا هم من ضربه يقفون على جسده المتهالك وهم يرددون هذه حريتك التي تبتغيها سنعذبك مرتين قبل موتك فيرمقهما بنظره إن ذلك لا يهمه نظير إيمانه بقضيته، تمر على تلك الحادثه أيام قلائل فتحدث حادثه الجهاز القومي ومخططي إدارة الأزمة كما يزعمون، ومع أننا لا نحب ولا نرغب ولا نؤيد سفك الدماء والقتل والتنكيل أيا كان ذلك إلا أن هذه الحادثة عبرة للمعتبر وموعظة لمن ألقى السمع وهو بصير يدرك أن العاقبة للتقوى وأن للظلم نهاية وأن النهار سيبزق مهما طال ليل الظلم، إن ما يحدث من تنكيل على أيدي خلفاء أمية بن خلف في القرن الحادي والعشرين لهو مساس بحق الانسانية جمعاء ومساس بالقوانين الدولية والمنظمات والجمعيات الحقوقيه الانسانية، إن ما يحدث على أيدي خلفاء أمية بن خلف لهو مساس بأخلاق ومبادئ وقوانين حقوق الانسان، إن العالم ينظر ولا يحتاج إلى دليل ولا شهود إثبات ولا قرائن، فعلى العالم أن يستنصر لذلك الشيخ السوري ورفاقه ويشتريهم ويعتقهم من جلاديهم كما أعتق أبوبكر رضى الله عنه بلالًا، فهل أنتم فاعلون، أملي بربي كبير بهذا الشهر الفضيل. *عضو مجلس هيئة حقوق الانسان بالمملكة العربية السعودية