أجمع عدد من الأكاديميين أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية والتي تستضيفها العاصمة الرياض في التاسع من الشهر الجاري، تجسد حرص قيادة المملكة على ترجمة آمال وتطلعات الشعوب العربية نحو تحقيق التكامل الاقتصادي، وتفعيل العمل العربي المشترك. وأكدوا أن القمة تأتي وسط الكثير من التداعيات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها الكثير من دول العالم، بما في ذلك الدول العربية. وفيما يلي ما قالوه: تحديات وتطلعات في البدء تحدث أستاذ الاقتصاد والكاتب المعروف الدكتور علي التواتي قائلا: إن القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، قمة دورية تعقد تحت إشراف الجامعة العربية، وهي تعقد الآن في العاصمة الرياض وسط تطلعات بأن تحل الكثير من القضايا الاقتصادية العربية العالقة، وفي مقدمتها الاتحاد الجمركي العربي، والسوق العربية المشتركة. وهما قضيتان لا تزال الجامعة العربية تتداولهما منذ ستينيات القرن الماضي، وأعتقد أن قمة الرياض ستتمحور حول هذين الملفين؛ باعتبار أن دول العالم أصبحت حزمة من التكتلات الاقتصادية. لكن ومع ذلك استطاع العرب تحقيق معدلات عالية من التكامل الاقتصادي على مستوى العلاقات الثنائية، أو على مستوى التجمعات الإقليمية العربية. كما هو الحال في دول الخليج، أو في دول الاتحاد المغاربي. وأضاف التواتي: أن الدول العربية حققت معدلات من التكامل الاقتصادي مع بعض الدول والتكتلات الإقليمية، كما هو الحال مع تركيا وإيران وأمريكا والاتحاد الأوروبي. لذا فإن القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقبلة أكثر ما ستركز عليه بحث ملف السوق العربية المشتركة، والاتحاد الجمركي، إضافة إلى التحويلات المالية بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية، والاستثمار في الدول العربية الأشد فقرا. فالجامعة حتى الآن لم تتمكن من إيجاد معادلة لمساعدة الدول العربية الفقيرة من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي العربي. وأكد التواتي أن انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في الرياض يأتي في وقت يعاني فيه العالم العربي من البطالة التي أدت إلى الانفجار السياسي في كثير من البلدان العربية، حيث تبلغ في مصر مانسبته 25 في المئة، وتزداد في دول أخرى كالمغرب واليمن والسودان. كما أن العالم العربي تجتاحه فجوة غذائية تعد نسبتها عالية جدا، قياسا بمعظم دول العالم، حيث يستورد العالم العربي مانسبته 90 في المئة من احتياجاته الغذائية، وهي نسبة قد تقل جزئيا لدى الدول العربية التي تمتلك الثروة المائية. ريادة وقيادة وأشار التواتي إلى أن العالم العربي أصبح في وضع يرثى له من حيث المكتسبات الاقتصادية أقل كثيرا من حجم التطلعات؛ ولذا فإن القمة المقبلة عليها رسم خارطة طريق مؤقته بجدول زمني للحاق بركب الإنجازات التي حققتها الكثير من التكتلات الاقتصادية، لاسيما أن الخارطة العربية شهدت تغيرات واضحة سياسيا. كما أن الاستمثارات الخاصة شهدت أيضا تغيرات على ضوء الأحداث السياسية في بعض الدول العربية، وهو ما أعطى مؤشرا واضحا بأن الاستثمارات البينية قد تتعرض لخطر كبير، كما حدث عقب اندلاع الاضطرابات السياسية في مصر منذ 25 يناير 2011م، حيث تعرضت كثير من الاستثمارات الخليجية لمخاطر جمة بسبب الأهواء السياسية، كما أجبر كثير من المستثمرين على بيع حصصهم الاستثمارية في بعض الدول الأخرى، خاصة التي شهدت الربيع العربي. على مشهد من المنظمة العربية لضمان الاستثمار التي ليس لها أي دور حتى الآن في رعاية الاستثمارات بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية، لذا فإن تحصين الاستثمارات العربية من الأخطار التي قد تتعرض لها يعد مطلبا ضروريا على الجامعة العربية القيام به وبشكل عاجل جدا؛ من خلال إقرار معاهدة لحماية الاسثمارات العربية، وإلزام الدول العربية ومستثمريها بالتقيد بها. فمنذ أن ألغى الرئيس المصري الراحل أنور السادات هيئة التصنيع الحربي والتي كانت بأموال خليجية، وملف الاستثمار العربي يراوح مكانه، وتتهدده الكثير من الأخطار. عليه يجب حماية الاستثمار عن الإرادة السياسية، ما لم تكن الاستثمارات خطرا على الأمن القومي. واختتم التواتي حديثه قائلا: إن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقبلة، سيعطي دافعا قويا نحو ترجمة تطلعات الشعوب العربية في تحقيق التكامل الاقتصادي. فالملك عبدالله قائد ذو توجهات عروبية من قبل أن يتولى مقاليد الحكم في المملكة، وإسهاماته نحو التكامل العربي، وتشجيع الاستثمارات العربية، ودعمه لكثير من اقتصاديات دول العالم العربي كاليمن والمغرب والسودان والأردن ومصر التي أسماها قلعة العروبة جلية وواضحة. آمال مشرعة من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله القباع إن أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقبلة ستتركز على تقريب وجهات النظر بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية؛ باعتبار أن جدول أعمال القمة هو تكرار لقمم سابقة، لم يجر بها أي تقدم نحو تحقيق العمل العربي المشترك، ممثلا في الاتحاد الجمركي، والسوق العربية المشتركة. وأضاف: في اعتقادي أن القمة المقبلة لن تخرج عنها قرارات حاسمة بشأن الملفات المطروحة والتي من شأنها تحقيق التكامل الاقتصادي، ومع ذلك فإنها ستكون محط أنظار الشعوب العربية التي مازالت تأمل وتترقب صدور أي قرار من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك. فالمواطن العربي أصبحت تطالعه إنجازات كثير من دول العالم التي حققت الرفاه الاقتصادي لشعوبها، من خلال الانخراط في التكتلات الاقتصادية، والتعاون المشترك، برغم الاختلافات الدينية والعرقية، ومع ذلك لايزال الأمل قائما أن تحقق قمة الرياض إنجازات ملموسة على صعيد العمل العربي المشترك، وهو ما يترقبه الشارع العربي. ظروف استثنائية بدوره قال أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، إن الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة، تعطي للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي ستحتضنها الرياض في التاسع من الشهر الجاري، أهمية قصوى، ودافعا قويا لتخطي الإشكالات التي تعيق العمل العربي المشترك في جوانبه الاقتصادية. وأضاف: من وجهة نظري القمة المقبلة ستخرج بتوصيات محددة بشأن السوق العربية المشتركة والتي ستكون المحور الرئيسي في أعمال القمة. وأكد باعجاجة أن إقامة السوق العربية كان محور نقاش كثير من القمم العربية، وهو أمر لا يمكن تحقيق الاستفادة منه في ظل توالي الأحدات الاقتصادية عالميا؛ ولذا فإن التوصيات بشأن آليات تنفيذ السوق العربية تعد أهم مايترقبه المواطن العربي. بمن فيهم من خبراء اقتصاديين ومستثمرين، في ظل تسارع وتيرة الأحداث الاقتصادية العالمية.