أشاد رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ بالأمر الملكي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- أمس بتعيين المرأة عضوا في مجلس الشورى. وقال: لقد سعدنا بالأمر الملكي الكريم وبما تضمنه من إشراك المواطنة السعودية في مجلس الشورى، لإبداء رأيها وعرض مشورتها، في الأنظمة والتقارير والمعاهدات والموضوعات التي تعرض على مجلس الشورى وفق اختصاصه، ونؤمل إن شاء الله أن يكون في رأي عضوات مجلس الشورى -وهن بحمد الله قد جمعن بين الخبرة العملية في القطاعات الحكومية والتعليم الأكاديمي العالي- إعانة لولي الأمر في اتخاذ القرار المناسب، من خلال الاستئناس بما يرد إلى المجلس من قرارات والأخذ بما يعين على أداء الواجب والامانة المناطة بولي الأمر حفظه الله. ومضى آل الشيخ يقول: إن قرار خادم الحرمين الشريفين بمشاركة المواطنات السعوديات المعروفات بالعلم والمعرفة في عضوية مجلس الشورى يعد متمما لمسيرة خادم الحرمين الخيرة لتأصيل العدل وتحقيقه، وبناء دولة إسلامية حديثة، متمسكة بدستورها الخالد المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. وأبان أن الأمر الملكي يأتي متوافقا مع منهج نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده باستثمار كل الطاقات والقدرات للرجل والمرأة في بناء مجتمع صالح سوي يحقق لأفراده الأمن والاستقرار والعدل والرحمة والرخاء والتطور في شتى المجالات. وقال آل الشيخ إن «إشراك المرأة في مجلس الشورى للاستئناس برأيها أسوة بالرجل هو منهج يوافق الكتاب والسنة، وقد سبقنا في انتهاجه الرسول صلى الله وعليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده، فأول امرأة في التاريخ الإسلامي حقق الله على يديها السكينة والاطمئنان لمحمد صلى الله وعليه وسلم عندما نزل عليه جبريل عليه السلام أول مرة فأصابه ما أصابه من الخوف والرهبة فكان لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها موقف رائع ورأي سديد وموفق حينما أعطت مشورتها ورأيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهاب إلى ورقة بن نوفل وهي معه في قصته المعروفة للجميع، وكذلك يستدل بحديث استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية حينما انتهى من كتابة وثيقة الصلح قال لأصحابه (قوموا فانحروا ثم احلقوا قال: فما والله قام منهم من رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم احد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقيه من الناس فقالت يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم احدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم احدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا).. فهذا الحديث يدل دلالة صريحة على جواز استشارة النساء، وكما لا يخفى انه عليه الصلاة والسلام اخذ برأي أم سلمة في هذه الحادثة رضي الله عنها في أمر ليس من أمور النساء». وأضاف آل الشيخ «وكذلك يستدل في هذا المقام على جواز استشارة النساء بفعل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ومن ذلك استشارة عمر بن الخطاب لابنته حفصة في شأن المدة التي تصبر فيها المرأة على سفر وفراق زوجها، وكذلك أخذ عمر برأي امرأة من قريش حينما اعترضت على اجتهاده في وضع حد أعلى لمهور النساء، وكذلك بما ذكره ابن سيرين حيث قال: كان عمر رضي الله عنه ليستشير في الأمر حتى كان ليستشير المرأة فربما أبصر في قولها الشيء يستحسنه فيأخذه، وكذلك ما فعله عبدالرحمن بن عوف من استشارة الناس في أمر اختيار الخليفة بعد وفاة عمر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بقي عبدالرحمن يشاور ثلاثة أيام وإنه شاور حتى العذارى في خدورهن». وتابع يقول: هذه نماذج يسيرة مما سطر ودون من وقائع وحقائق تدل دلالة واضحة صريحة على وجوب الاستفادة من آراء الرجال والنساء على السواء في ما يحقق المصلحة العامة ويعضدها ويشد من أزر ولي الأمر لمساعدته في اتخاذ القرارات المناسبة والنافعة، ولا شك أن من يستشار يجب أن يكون مؤتمنا، وظاهره السلامة، ومعروف بالصلاح والخير والتقى، وأن يكون من أهل العلم والمعرفة والعقل والصدق والأمانة، وهذا ما يجب أن يكون عليه المستشار من حال حتى تطمئن الأمة إلى رأيه ومشورته. وسأل آل الشيخ الله العلي القدير أن يعين الأخوات المعينات في المجلس على أن يكن وجها مشرقا ونموذجا حيا للمرأة المسلمة الصالحة التي تؤدي عملها بإخلاص وصدق وأمانة جاعلة الله سبحانه وتعالى نصب عينيها في كل أمورها، وملتزمة بأوامره ونواهيه التي تحقق لها الرفعة والكرامة دنيا وآخره، كما سأل الله أن يديم على بلادنا الغالية الأمن والاستقرار والرخاء وأن يدفع عنها شر الأشرار أعداء الإسلام والمسلمين. واختتم رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تصريحه راجيا من الله العلي القدير أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح، وولي عهده الأمين وأن يجزيهما عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يجعل في من تم اختيارهم أعضاء لمجلس الشورى رجالا ونساء الخير والصلاح وأن يوفقهم لإبداء الرأي الصائب الذي يصدر بعد روية واستشعار لعظم المسؤولية التي كلفهم بها إمام الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله.