يعد القانون الجديد الذي قدمه الرئيس اليمني هادي إلى البرلمان والمتمثل في قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية واحدا من أهم وأعمق قوانين المرحلة الانتقالية الراهنة التي تحاول المضي بالبلاد بعيدا عن الهاوية، وفتح صفحة جديدة بين أبناء الشعب اليمني تقوم على قيم التسامح والتصالح وإنهاء نزعات الحقد والكراهية والاتجاه نحو مرحلة البناء والاستقرار. وقد أثار هذا القانون في مشاريعه الأولى زوبعة بين السياسيين والإعلاميين كون البعض اعتبره نكأ لجراح الماضي وإعادة إنتاج لقضايا الإدانة والانتقام عبر المواجهات القانونية التي قد تتم بين الضحايا وأصحاب الانتهاكات، مما تم اعتباره سياسيا أنه يستهدف تيارا ومرحلة واحدة بقصد الالتفاف على المبادرة الخليجية والتسوية السياسية إجمالا. والمتأمل في روح وأخلاقيات هذا القانون سواء أقره البرلمان أو لم يقره، هو مرحلة متقدمة في تجربة الشعب اليمني القائمة على الصراعات والحروب العبثية على مدى عقود طويلة. قد يعمل هذا القانون على الاستماع إلى شكاوى الضحايا والسعي إلى وأد جراحات المراحل المختلفة والدعوة إلى التسامح وطي صفحات الماضي، والواقع اليمني مثقل بمثل هذه القضايا التي أفرزها وضع من عدم الاستقرار والمغامرات غير المحسوبة، والأدهى هو تداخل المسؤوليات في هذه الأحداث بين أكثر من طرف سياسي واجتماعي، الأمر الذي يعقد تطبيق هذا القانون في المستقبل إذا ما تم تطبيقه بمهنية عالية، قد يرفضها واقع الأمر وتداخل خيوطه وتجاذباته. الأهم أن اليمن بلدا وشعبا ووعيا تمضي نحو تأصيل ثقافة سياسية واجتماعية جديدة تعزز فيها من دور القوانين وبالذات التي تخدم أخلاقيات المصالحة الوطنية بين كل أطراف العملية السياسية في مرحلة المكاشفة الساعية إلى قراءة التاريخ كما هو بعيدا عن إملاءات اللحظة وإسقاطاتها سعيا نحو المستقبل.