يقف العراق هذه الأيام على المحك بين مطالب الشارع العراقي التي بدأت تتصاعد وتطالب بإقالة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، وبين تحذيرات المالكي التي يؤكد من خلالها بأنه «لن يتهاون مع الاحتجاجات الحاشدة في المحافظات العراقية»، وبين هذين الموقفين المتباينين يواجه العراق أخطار التقسيم والحرب الأهلية التي تؤججها نار الطائفية والعرقية، فضلا عن التحالفات والتكتلات السياسية الأخرى. إن الحكومة العراقية أمام مسؤولية عظمى للخروج بالعراق من هذا النفق المظلم الذي يهدد وحدته واستقراره، خصوصا في ظل ما أشار إليه وزير خارجية المملكة، أمس، عندما أكد أن الدول العربية لن تتدخل في الأزمة العراقية دون أن يكون هناك طلب من العراق نفسه، وهذا يحمل الحكومة العراقية مزيدا من المسؤولية إذا أرادت الخروج من المأزق، بدءا من الإصغاء لمطالب الشعب المشروعة وتنفيذها والتعامل معها بحكمة، بعيدا عن لغة التهديد والوعيد. من حق كل عراقي أن يحلم ويسعى لعراق لا يحتكم لحزب واحد أو فئة أو قومية واحدة، عراق يعيش فيه الجميع شركاء لبناء وتنمية ذلك الكيان الذي أنهكته الحروب منذ سنوات، وإذا كانت الحكومة العراقية تريد الحفاظ على سيادة بلادها، فلا بد أن تنحاز للداخل قبل الخارج، وأن تقف مع الشعب صفا واحدا للتصدي لمن يمس وحدة العراق، بعيدا عن التفرد بالسلطة وإقصاء الآخرين. إن إتاحة الفرصة أمام الشركاء السياسيين لبناء العراق، بعيدا عن المحاصصة المذهبية والانتماءات الخارجية، بات أمرا ملحا في ظل التطورات التي تنذر باقتراب «الربيع العراقي»، فضلا عن التحديات التي تسهم في تفاقم الوضع كالأزمة السورية وانعكاساتها على الداخل العراقي.