سجل أبناء راضي بن حمدان الغامدي، موقفا نبيلا وشجاعا بتنازلهم لوجه الله تعالى، مساء أمس (الأربعاء) عن قاتل ابنهم (محمد) دون قيد أو شرط، والذي كان من المقرر أن يتم تنفيذ حكم القصاص في الجاني يوم الاثنين المقبل، إلا أن طيب خلقهم حال دون أن يلامس حد السيف رقبة الجاني، محمد بن عبدالله سابي، حيث تكللت الجهود التي بذلها صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود، ووكيل الإمارة الدكتور حامد الشمري وكذلك شيخ قبيلة بني خثيم الشيخ عبدالرحمن بن هاشم، والشيخ عبدالعزيز بن رقوش، والشيخ الدكتور أحمد العماري، والشيخ علي بن ملحة، إلى جانب عدد من أعيان المنطقة، بالنجاح والتي كان لها دور مقدر ومهم في إتمام عملية العفو، كما كان لمشايخ وأعيان قرية القاتل مساع حثيثة في ذلك، منهم محمد بن ملة، وسعيد بن محمد هياس وعبدالله حلان وعبدالله علي خرصان وعبدالله بن معيض سابي. ومن جهته هنأ صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود أمير منطقة الباحة، أبناء راضي بن حمدان، على موقفهم الشجاع وبادرتهم الإنسانية، وقدم لهم خلال اتصال هاتفي أمس شكره وتقديره على موقفهم النبيل وخطوتهم تلك، داعيا الله أن يكتب الله لهم الأجر والمثوبة والدرجات العالية، كما دعا الله أن يغفر الله بهذا العفو لميتهم ويرفعه في عليين، وأن يجزي بالخير كل من سعى في ذلك، كما أجرى وكيل الإمارة الدكتور حامد الشمري اتصالا مماثلا. من جهته أكد ل«عكاظ» علي راضي، عم القتيل، محمد سعيد راضي، أنه حتى بعد عشاء أمس الأول الأربعاء لم تكن هناك توجهات بالعفو، ولم يكن من السهولة اتخاذ مثل هذا القرار خاصة لمن يعرف سير القضية. وبين راضي أنه في الساعات الأخيرة التي سبقت إعلان العفو، كانت هناك مشاورات بين أفراد العائلة وتم بحمد الله وفضله الوصول لقناعة تامة، أن العفو هو الخيار الصحيح، دون قيد أو شرط، وقال: «لم نكن نطمح لرؤية رأس الجاني يتدحرج في ساحة القصاص، فهذا لن يعيد لنا ابننا (المقتول) كما أننا استشعرنا في ذات الوقت شعور حالة والدة وأهل الجاني في مثل هذه المواقف». ولفت راضي أنهم كانوا يرغبون في إعلان العفو في ساحة القصاص، إلا أنهم خشوا أن يتعرض الجاني لمكروه من هلع ورعب الموقف فأبلغوه بالعفو في سجنه عند الساعة العاشرة من مساء أمس الأول الأربعاء، كما تم إبلاغ والدة الجاني هاتفيا بالعفو عن ابنها، لتطمينها وإدخال البهجة والسرور إلى قلبها وجميع أفراد الأسرة. ودعا راضي، الله سبحانه وتعالى، أن يجعل ذلك العفو أجرا ومثوبة لهم، وأن يرفع به درجة ابنهم محمد، مقدما شكره لسمو أمير الباحة صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود ولوكيل الإمارة الدكتور حامد بن مالح الشمري، على جهودهما في هذا الأمر، ولكل من سعى وبذل جهدا من مشايخ وأعيان المنطقة، مشيرا إلى أن إخوانه محمد وعبدالله وسعيد، كان لهم الأثر البالغ في إتمام عملية العفو والاتصال على السجين لإبلاغه بذلك. من جهتها أرسلت والدة القتيل محمد سعيد راضي رسالة تهنئة لزوجها لاختياره ما عند الله، وأضافت: «هنيئا لك ثواب موقفك النبيل، فأنت لم تنقذ روحا واحدة بل أنقذت أرواحا كثيرة وكفكفت دموعا غزيرة، تقف لك الرجال إجلالا وإكباراً، نسأل الله أن يغفر لميتك ويصلح ذريتك ويشرح بالك ويجبر قلبك».