العدل أساس لكل حكم قوي، ومظهر من مظاهر الحضارة ورمز من رموز العزة والتمكين، ولست بصدد الإسهاب في فضل العدل على استتباب الأمن والاستقرار والطمأنينة، ولكني أنظر بعين المراقب كمواطن يعايش طفرة ملموسة في تطور مرافق القضاء في ظل قيادة حكيمة، دأبت على أن تجعل التطوير والإصلاح ديدنا في كل مرافق الدولة. إن وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء أصبحا يشكلان تكاملا مرفقيا مهما لهذه المرحلة ولتحقق تطوير مرفق القضاء، وانصب هذا التكامل والتناغم في صلب الموضوع نحو مواجهات صادقة وشفافة يحاسب فيها المقصر، ويحقق مع المسؤول، مع الحفاظ على هيبة القضاء ووقاره واحترامه. اليوم نرى احتراما متبادلا بين القضاء الواقف والقضاء الجالس ونرى تكاملا إجرائيا بين المؤسسات القضائية باختلاف درجاتها وأنواعها، اليوم نرى جيلا من القضاة الذين إن كان بعضهم تنقصه الخبرة إلا أنهم أكثر انفتاحا ورغبة في التطوير، اليوم نرى رؤساء محاكم يقترحون، فيستجاب لاقتراحاتهم، وقضاة يبدعون في الإجراء والإسراع في قضاء حوائج الناس. ودخول التقنية على خط المستندات العدلية بعد تأخير ومقاومة شكل نقلة نوعية في جودة المنتج الحقوقي بوجه عام وأضحى سببا في تسهيل إجراء كان يستغرق الوقت الطويل، ولعلني استشهد بالضبوط والأحكام والصكوك والقرارات والإنهاءات التي كنا نخجل من سوء خطوطها واللبس في بياناتها وكثرة تهميشاتها من أجل التصحيح. لم نعد نقدم الطلبات لقراءة مستندات دعوى فقد أصبحت اليوم متاحة للجميع بما لا يتعارض مع الأنظمة، قبل عدة أسابيع وفي اجتماع مع معالي وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء عقده مع بعض المحامين استعرض وبإيجاز التحديات والطموحات والإنجازات والتي لا تملك إزاءها إلا الدعاء له بالتوفيق. الإنجازات العدلية أصبحت طويلة في السرد فمن التقنية التي كانت تقاوم لأنها أصبحت سببا في إحكام الرقابة والمتابعة وتطور التفتيش القضائي، وصولا إلى تمكين المرأة من التقاضي بصورة أكثر سلاسة إلى تمكين المحامية من الحصول على ترخيص مزاولة المهنة أسوة بزميلاتها في كافة دول العالم، إلى إعادة النظر في تصاميم مباني المحاكم بما يناسب هيبة المكان واحترام الممارس العدلي إلى التدريب والتأهيل والاستعانة بالخبراء. لم يعد لدى القائمين على هذا المرفق الوقت للاستماع إلى التنظير والصبر على مقاومي التطوير وتحمل المزيد من الأعباء بعد أن أصبحت لدينا جامعات تخرج حقوقيين متخصصين وتباشر كليات الحقوق، تخريج دفعات الخريجين والخريجات بفضل الله ثم بفضل سواعد جبارة ووطنية صادقة من أكاديميين محترمين حققوا الأحلام. تحية احترام وتقدير إلى كل المسؤولين في المرافق العدلية والحقوقيين والأكاديميين، على هذه الوثبات الحقيقية، وعلى تنامي الثقافة الحقوقية في المجتمع التي كانوا بإخلاصهم سببا فيها، تحية صادقة إلى وزارة تزداد توهجا ولم تعد ترضى بخطوات.. بل بوثبات وقفزات نحو التطوير والتكامل.. وتحية إلى كل من ينظر بأمل إلى الغد.