توقع خبراء اقتصاديون استمرار الأداء الإيجابي لأسعار النفط خلال فصل الشتاء وتمسك البرميل بحاجز 110 دولارات كحد أدنى، لاسيما مع زيادة الطلب على الوقود المتزامن مع انخفاض درجات الحرارة و استهلاك وقود التدفئة بكميات كبيرة، وأشار تقرير أمريكي إلى أن ارتفاع الطلب على الوقود في فصل الشتاء أدى إلى انخفاض مخزونات النفط العالمية 1.4 مليون برميل يوميا. كما انخفضت المخزونات الأمريكية 0.5 مليون برميل يوميا في نوفمبر و0.6 مليون برميل يوميا في ديسمبر. وأكد الدكتور علي العلق استاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن الأوضاع السياسية غير المستقرة في المنطقة، و كذلك المؤشرات الإيجابية لتحسن الاقتصاد العالمي تشكل عوامل أساسية في إبقاء أسعار النفط عند المستويات الحالية، مبينا، أن الاقتصاد العالمي بالرغم من استمرار أزمة اليونان و المشاكل التي تعصف باقتصاد إسبانيا، فإنه بدأ يستعيد جزءا من عافيته. وأضاف أن قرار أوبك بإبقاء الحصص الإنتاجية عند مستوياتها خلال الفترة القادمة يعزز من الاعتقاد بتماسك سعر البرميل في السوق النفطية، موضحا أن المعروض ما يزال كافيا و لا يوجد نقص به في السوق العالمية. وقال إن الدول المنتجة تراقب السوق في الوقت الحالي بدقة للوقوف على آخر التطورات، بهدف اتخاذ القرار المناسب، خصوصا أن الارتفاع الكبير لا يخدم المستهلك و المنتج في الوقت نفسه، كونه يحد من قدرة المستهلك على شراء كميات كافية من الوقود، بالإضافة إلى أنه يحد من المداخيل المالية اللازمة لتطوير الصناعة النفطية، وضخ الاستثمارات اللازمة لمواصلة عملية التنقيب و الاستكشاف، و كذلك يضر بالموازنات المالية للدول المنتجة، الأمر الذي يدفع الجميع للمحافظة على مستويات معقولة للأسعار. وأشار الدكتور تيسير الخنيزي خبير اقتصادي إلى أزمة اليورو وما تمثله من عامل رئيسي في تحديد مسار أسعار النفط في السوق العالمية، خصوصا أن الدول الأوروبية تستهلك نسبة كبيرة من النفط، وبالتالي فإن تباطؤ اقتصاديات منطقة اليورو ينعكس بصورة أو بأخرى على الطلب العالمي مما يؤثر بدوره على السعر في السوق النفطية، رغم أن الدول الأوروبية لم تعد اللاعب الأساسي في الوقت الراهن، لاسيما مع ظهور اقتصاديات دول شرق آسيا مثل الصين و الهند و كوريا، وبالتالي فإن تراجع النمو الصناعي في الصين يخلق نوعا من القلق، بيد أن الأمور قابلة للتغيير بين فترة وأخرى، مبينا، أن المخاوف من انخفاض أسعار النفط لمستويات دون 100 دولار للبرميل ليست مبررة على الإطلاق. وأضاف، أن الدول المنتجة وعلى رأسها المملكة تمتلك طاقة فائضة بمقدار 2,5 مليون برميل يوميا، فضلا عن مخزون احتياطي يبلغ 80 مليون برميل، وهذه الدول ليست من مصلحتها ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية كما أن انخفاضه لمستويات متدنية لايخدم خططها لتطوير صناعة النفط و زيادة رقعة الاستكشافات عن النفط، مضيفا، أن العامل النفسي يبقى محركا فاعلا في تحديد السعر، فبالرغم من تراجع حدة المخاوف من نشوب حرب في المنطقة على خلفية الملف النووي الإيراني، فإن ذلك لا يعني استبعاده، خصوصا أن التهكن بأفعال إسرائيل أمر بالغ الصعوبة، الأمر الذي يسهم في إبقاء السعر عند المستويات الحالية. الجدير بالذكر أن الحكومة الأمريكية قالت في تقرير يصدر كل شهرين إن فائض طاقة إنتاج النفط العالمية خارج إيران زاد زيادة طفيفة في الشهرين الماضيين لكن قفزة موسمية في استهلاك الطاقة للتدفئة في فصل الشتاء أدت إلى تراجع المخزونات العالمية. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الذي يجب عليها إصداره بمقتضى قانون العقوبات على إيران الذي صدر العام الماضي إن فائض طاقة إنتاج النفط العالمية بلغ في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) في المتوسط 2.1 مليون برميل يوميا .