تلتئم دول منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" اليوم الأربعاء في اجتماع دوري حسب جدولها الزمني وسط متناقضات تتجاذب أسواق الطاقة العالمية ما يجعل وزراء البترول والطاقة في الدول الأعضاء أمام مهمة صعبة حيال اتخاذ قرارات تمضي قدما دون التأثير على مسار أسعار النفط التي راحت تحلق إلى مستويات قياسية بينما السوق النفطية تترا بالنفط الخام. اجتماعات مارس من كل عام عادة ما تخصص لخفض الإنتاج وذلك لانقشاع فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وهو مؤشر لتراجع استهلاك الوقود الأمر الذي يفضي إلى هبوط الطلب على البترول الخام وحدوث وفرة تضغط على أسعار النفط وتحتم على المنظمة مراعاة ذلك في كل عام من خلال دراسة السوق دراسة متأنية عبر اللجان الاقتصادية بالمنظمة التي لا تنقصها الخبرة في مثل هذه المواقف. غير أن أعضاء المنظمة هذه المرة يدخلون إلى الاجتماع والسوق تتجاذبه عوامل متناقضة ففي الوقت الذي يهبط فيه الطلب نتيجة إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وارتفاع مخزونات الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر مستهلك للنفط في العالم وتراجع الطلب في مثل هذا الموسم نجد أن أسعار النفط تسجل مستويات قياسية تعدت 103دولارات للبرميل ما يعني أن أي تخفيض سوف ينعكس على نفسية المضاربين ويدفع الأسعار إلى مزيد من التحليق ما يضر بنمو الاقتصاد العالمي ويؤثر على أسعار بقية السلع العالمية وأي زيادة ستحدث إغراق للسوق وهبوط حاد للأسعار يضر باقتصاديات الدول المنتجة. منظمة الأوبك التي تمد العالمي بحوالي 70% من إمداداته البترولية لديها قناعة بأن ارتفاع أسعار البترول ليس بسبب شح الإمدادات النفطية وإنما نتيجة إلى عوامل سياسية يساندها انخفاض صرف سعر الدولار بالإضافة إلى المضاربات وضخ الأموال من الصناديق الاستثمارية وبالتالي فإن وزراء المنظمة سيخرجون بحل وسط وذلك من خلال إبقاء سقف الإنتاج دون تغيير وحث الدول الأعضاء على الالتزام بالحصص فهذا الأسلوب هو الذي سيعمل على امتصاص الفائض إذا ما أخذنا بالاعتبار أن معظم أعضاء المنظمة يضخون أكثر من حصصهم وهو ما قفز بإنتاجها خلال الأشهر الماضية إلى 32مليون برميل يوميا. تراجع إنتاج المنظمة خلال هذا الشهر كما أشارت مصادر غير رسمية إلى 29.67مليون برميل يوميا وكذلك انخفاض شحنات النفط بمقدار 470ألف برميل يوميا أعطى مؤشر للمستهلكين أن أعضاء المنظمة يتجهون إلى خفض الإنتاج بصورة فردية لإيجاد توازن بين العرض والطلب حفاظا على استقرار أسعار النفط والحيلولة دون ارتفاع مضر أو انخفاض مخسر. خروج أعضاء المنظمة في نهاية اجتماعهم اليوم بقرار ثبات سقف الإنتاج لن يكون مفاجئا للأسواق النفطية ولن تتأثر به أسعار النفط وإنما ستتجه الأسواق لمراقبة معطيات أخرى مثل مستوى أداء الاقتصاد العالمي ومسار سعر صرف الدولار أمام العملات العالمية والتقلبات السياسية والاضطرابات الأمنية خاصة في المناطق التي قرب مكامن النفط إذا ان هذه العوامل هي التي تعمل على ذبذبت أسعار النفط وجر أسعار بقية السلع العالمية. خلاصة القول أن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وهبوط الطلب على النفط وارتفاع المخزونات الأمريكية كانت معطيات قوية أمام المنظمة لخفض سقف الإنتاج، غير أن تنامي أسعار النفط إلى مستويات 100دولار للبرميل حالت دون تحقيق ذلك.