جمعني حوار هاتفي بأمين محافظة جدة الدكتور هاني أبو راس في أعقاب افتتاح الكورنيش الشمالي وبعد الأنباء التي تناقلتها إحدى وسائل الإعلام عن قيام عابثين بتهشيم زجاج إحدى دورات المياه وتكسير الحواجز التي تمنع دخول السيارات لمشروع الواجهة البحرية وإحدى سيارات الشركة المشغلة .. سألت الأمين عن الآلية التي وضعت لحماية هذه المكتسبات الوطنية، وكيف نمنع مثل هؤلاء في المستقبل من العبث بمشروع وطني كلف (180) مليون ريال، ويمثل المتنفس الحقيقي لسكان وزوار عروس البحر .. ويعتبر أحد أهم المشاريع التي شهدتها المملكة ومنطقة الشرق الأوسط. ظهرت نفس علامات الذهول والتأثر من قبل الأمين .. وأخبرني أن الأمانة طرحت مشروعا شاملا لصيانة ومراقبة الكورنيش، وستفتح المظاريف خلال الأيام المقبلة، وأنها ماضية في توفير فرق صيانة ونظافة للمسطحات الخضراء والمجسمات والنوافير ودورات المياه وجميع المنشآت الحضارية عبر هذا المشروع الذي سيبقى مصدر فخر واعتزاز لكل زوار وسكان العروس. قلت له أن هذا وحده لا يكفي وأن ردع المخالفين أمر لابد منه وأن من (أمن العقوبة أساء الأدب).. ووصلنا إلى ضرورة تفعيل جهاز الشرطة البيئية المسؤول عن الغرامات والجزاءات والمعتمد من قبل مجلس الوزراء وتطبيقها على أرض الواقع من خلال جهاز متخصص معني بالشؤون البيئية والمحافظة على المرافق العامة. إننا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى حملات توعية تقودها أمانة جدة بالشراكة مع أجهزة الدولة المعنية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص .. فهذا التطور الكبير الذي لمسناه عن جدة (المكان) يحتاج أن تواكبه نقلة نوعية على صعيد (الإنسان)، فالشكل الرائع لن يبقى بصورته البهية إلا إذا وجد إنسان متحضر يحافظ عليه، وأن نرتقي جميعا بحجم المسؤولية الملقاة على كاهلنا ونحافظ على هذه المكتسبات. لقد جاء الافتتاح ليشرع أبواب الحلم على البحر الأحمر .. بعد أن تنفس أهل وعشاق العروس هواء عليلا مع افتتاح الكورنيش الشمالي الذي يمثل الواجهة الحضارية والترفيهية والسياحية للمحافظة بأكملها، فقد شعرنا جميعا أننا بدأنا السير في الطريق الصحيح .. وأن العروس اقتربت بالفعل لأن تكون (غير).. وتبرهن على أنها بالفعل جدة (مدينة الرخاء والشدة).. وستصبح مثل غيرها من المدن النموذجية التي تتطور بتنمية مستدامة وثقافات وحضارات متنوعة، نعم .. رفضت العروس المسكنات لأنها صادقة مع نفسها دائما .. ترفض التزييف .. ولا تجيد ارتداء الأقنعة .. بقي أهلها وزوارها ينتظرون تعافيها من الوجع الذي آلمها لسنوات طويلة .. لكنهم كانوا واثقين أنها سوف تسترد عافيتها .. طالما هناك رجال مخلصون ومسؤولون يعملون من أجلها .. وفي النهاية لا نملك إلا أن نقول لأمير المنطقة .. ومحافظ جدة وأمينها .. أحسنتم صنعا. * نائب رئيس اللجنة الصناعية بغرفة جدة رئيس «الرهى» للمسؤولية الاجتماعية. [email protected]