ربيع اليمن ولد مشلولا وعقله تاه وما زال في صراعات المراكز التي خلقها بتناقضاته التي شتتت الهوية الوطنية وأعاقت نمو وتقدم اليمن، والضجيج المنادي بالتغيير ما زال في أغلبه مهموما بمصالح النخبة الآنية والأنانية، ولم تتمكن القوى المختلفة من إعادة صياغة الوعي السياسي لتسهيل الانتقال إلى مرحلة جديدة تقطع مع صراعات المراحل السابقة. وهذا التوصيف لواقع الحال لا يعني أن التغيير لن يحدث، فأي هروب من استحقاقاته يمثل مخاطرة كبيرة لا يمكن معالجة نتائجها لاحقا وستكون الخسائر مفتوحة على أسوأ الاحتمالات بما في ذلك تشييع وطن اسمه اليمن. والمشكلة أن اليمن يعاني من تفشي المصالح وهيمنة القوى المحافظة ولديه خوف من تعديل مسار تركيبة القوة مهما كان ضجيجها المطالب بالتغيير. وتمتلك هذه النخبة من القوة ما يكفي لمحاصرة التغيير وربما خنقه. من وجهة نظري، لا خيار أمام النخبة اليمنية إلا أن تغير الآليات التي اتبعتها لعرقلة التغيير حتى لا تخسر لاحقا أمام قوة شابة تتراكم لديها قناعة أنه تم خداعها وأن الجيل القديم من الساسة مسيطر كليا ومراهن على إعادة إنتاج الماضي بمصالحه وصراعاته ونزاعاته، والمتابع لا بد أن يدرك أن الجيل الجديد والتكوينات المتمردة هي القنابل المفخخة التي ستنفجر في وجه الجميع إن لم يتم ضبط الطموحات المعيقة للتحول. يبدو لي أن الحوار الوطني القادم يحتاج إلى أن يضيف إلى قائمة مهامه العمل على صياغة ميثاق جامع يوحد كل التباينات ويركز على المبادئ والقيم الكلية، ومن المهم أن يركز على مصالحة وطنية تؤمن جميع الأطراف من الثأر والانتقام المتبادل. ومن المفترض أن تتولد من رحم المصالحة آليات ناضجة تلائم واقعنا وتحمي ما تم الاتفاق عليه، وهذا قد يحتاج إلى بناء تكوينات مدنية وأهلية لتحقيق هذه المصالحة وتطويرها لاحقا، وهذا الأمر مهم لتدعيم لحمة الهوية الوطنية وبناء السلام باعتبارهما مدخلين ضروريين لبناء الدولة وإسناد الانتقال الديمقراطي.