المبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية كانت خلاصة لجهود داخلية وإقليمية ودولية، وأسست لتسوية سياسية عقلانية بين الأطراف المتنازعة، وبنضج سياسي مستوعب لواقع الصراع وطبيعة التغيير الذي يحتاجه اليمن، وهذا يفسر التأييد الشعبي للمبادرة والتفاؤل والارتياح لدى اليمنيين، صحيح أن هناك اعتراضات من بعض التكوينات الشبابية في الساحات إلا أنهم يدركون أنها الممكن الوحيد الذي سينقل اليمن إلى مرحلة جديدة، وأنها تحمل في مضمونها ونتائجها تغييرا جذريا، والاعتراض من متابعتي نتاج خوف من فشلها، ومن جهة أخرى ممارسة ضغط على الموقعين للالتزام ببنودها ومضامينها. وهذا لا ينفي أن هناك أطرافا ترفض المبادرة وترى في التسوية إعاقة لطموحاتهم كالقوى التي لها مشاريع تتحرك خارج سياق حاجة أمن واستقرار اليمن والإقليم. فبعض هذه القوى والتكوينات مرتبطة بطموحات أسطورية ومصالح جهوية أو مذهبية، أما البعض الآخر فلديهم غموض وخوف على مصالحهم من التحولات الجذرية التي تؤسس لها المبادرة الخليجية. وتعاظم التفاؤل في الشارع اليمني بعد إقرار قانون الحصانة هو خطوة مهمة في تنفيذ المبادرة، وسيؤدي إلى تخفيف التوتر والحد من الصراع وإقراره من ناحية أخرى مدخل ضروري للمصالحة وتحقيق العدالة الانتقالية، كما أن الإقرار يساعد على بناء السلام والتسامح والثقة ويسهل الانتقال السلمي للسلطة. ناهيك عن أنه سوف يسهم في تعمير توازن سيمكن مختلف القوى من المراهنة على بناء الشراكة والتوافق والعمل باستراتيجيات تنافسية مراهنة على المصالح الوطنية. وإتمام التسوية يحتاج لدور إقليمي ودولي أكثر فاعلية لضبط إيقاع الصراع ومساعدة القوى المختلفة على تفكيك التعقيد وإزالة العوائق حتى يتمكنوا من الحفاظ على وحدتهم وبناء دولتهم الجديدة، وإحداث انتقال ديمقراطي متزن يساعد على إعادة توزيع القوى بصورة عادلة. والخلاصة فالمحصلة النهائية للتسوية أنها لن تعيد إنتاج النظام السابق كما يطرح البعض، بل العكس هو الصحيح فالمبادرة ستحقق نقلة نوعية مغايرة للماضي وأليتها تفتح أفقا لإعادة بناء المنظومة السياسية بما يسهل تجاوز صراعات وتناقضات وأخطاء الماضي. • رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات الاستراتيجية