من يراقب الواقع اليمني سيجد أن هناك نخبة تدير الأمر باتجاهات إعادة بناء قواعد الماضي والتي أثبتت عجزها عن استيعاب الواقع وتحولاته، فالبعض يغتنم الفرصة ويعظم من قوته من خلال الاستيلاء على الموارد، والبعض الآخر لا هم لهم إلا التأكيد على توزيع الغنائم على أقليات حزبية وفئوية دون انتباه لواقع اليمن بتكويناته المتعددة ودون الأخذ في الحسبان الحراك الاجتماعي وبالذات الفاعلين الشباب. وهذه المحاولات المراهنة على النخبة التي تدير الصراع والعمل بشكل منظم لإشباع جوعها على حساب الآخرين وعزل هموم الناس عن القرارات التي يتم صناعتها في نفس الكواليس القديمة ستقودنا إلى تكرار الأخطاء لصالح التاريخ المشتت لوجود اليمن، فالوضع الحالي كما يبدو يتم تشكيله بآليات ستنهك مستقبل اليمن، فما يجري لا علاقة له بنهوض اليمن كشعب يريد أن يولد بتاريخ جديد بعد أن عانى خلال فترات تاريخية طويلة من مآسي كثيرة. إن الهيمنة التي فرضتها نخب محدودة في الماضي يراد لها أن تتكرر وبتقنية أكثر دهاء، وهذه السيطرة جعلت شعب اليمن من أكثر شعوب الأرض معاناة وتحملا للعزلة وتم تسخيره في معارك الأقليات النخبوية التي تعيد تشكيل نفسها اليوم وشعارها من لم يتعلم طوال هذا الزمن الطويل لن يتعلم اليوم. ويبدو لي أن بعض أطراف النخبة اليمنية فقدوا حسهم بالواقع، وما تؤكده الحركة اليومية أننا في لحظة تاريخية فارقة ولا يمكن إعادة إنتاج الماضي، فالحراك الذي فرضته التحولات المعاصرة لن تستوعب ولن ترضخ للمحاولات التي تريد للشعب أن يختم ببصمة يده كجاهل على ما تتوافق عليه نخب محدودة لا تعبر عن الشعب ولا حلمه بالتغيير. وهذا يتطلب من القوى الحرة أن تتحمل المسؤولية التاريخية وتعيد تكتيل نفسها لتشكل النواة المركزية لإعادة بناء اللحمة الشعبية بكافة تكويناتها حتى نتمكن من تخليق التاريخ الجديد، وهذا لن يكون إلا عبر تحالفات واسعة تتشكل في كتلة وطنية كلية وشاملة ومتحررة ممن يحاولون خنق كل مشروع ولادة شعب في لعبهم، وهناك كتلة مراهنة على مصالح اليمن ومتطلبات الناس وحاجاتهم وتجمعها القيم والمبادئ والأهداف الجديدة الكفيلة بتحقيق حلم هذا الشعب في بناء دولة تحقق لكل فرد فيه الحرية وإمكانية المساواة والعيش الكريم.