لم يكد العدوان الصهيوني الغاشم على غزة ينفض غباره إلا واشتعلت الأزمة السياسية الحادة في مصر. هذه الأزمة الآتية بعد دعم غير مسبوق، جاء على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ربما مهد ولو شكليا لإعلان دستوري قدمه الرئيس محمد مرسي كأحدى وسائل الحفاظ على مكتسبات الثورة. لكن اللافت أن الدعم الأمريكي غير المعتاد سرعان ما انقلب إلى حياد فقلق، ليستقر على مشهد يعيد النظر بشكل رئيسي في غايات الدعم الأمريكي لمرسي ويطل برأسه على هزيمة الكيان الصهيوني في حرب غزة الأخيرة والدور المصري البارز في نصرها، وما أثمر ولأول مرة بعد الربيع العربي عن نصر دبلوماسي في الأممالمتحدةوغزة، والذي رفع منسوب الأمل لدى الفلسطينيين في غد أكثر عدالة. هذا الموقف المصري ربما سيكلف مصر غاليا، وهي التي ما انفك العدو الصهيوني يخافها ولا يأمن جانبها، فآلة إعلامه بدأت بالتحرك والتهويل والتحذير، وشركاؤه التجاريون والسياسيون من العهد الماضي «الفلول» أعادوا مد أيديهم إلى المائدة المصرية علهم يظفرون ولو بإسقاط نظام خارج من رحم ثورة أخرجتهم من حكم حولوه لمصالحهم، لهذا وجدنا هذه التحالفات اتخذت شكل جبهة متعددة الأهداف، لكنها مجتمعة على نقطتين اثنتين واحدة منها منع الإخوان من الإمساك بزمام الحكم، وثانيهما إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فإن كان الهدف الأول ممكن الحصول لاعتبارات عديدة فإن الثاني مستحيل التحقق؛ لأن الشعب رفض النظام الماضي برموزه، فعلى المصريين أن يلتفوا حول مؤسساتهم الدستورية والشرعية والحفاظ على مكتسبات الثورة وعلى أمن واستقرار مصر؛ لأن أمن مصر من أمن المنطقة.. ويجب أن تكون الأولوية لإرساء الأمن الداخلي وإيجاد حالة التوافق بين التيارات المصرية لإنهاء الأزمة.