إذا كانت الدولة تسعى بكل السبل لتشجيع الشباب على فتح مشاريع استثمارية خاصة بهم لمكافحة البطالة، فإن من المؤلم للنفس القول، بأن ثقافة غالبية شبابنا لا زالت اتكالية تبحث عن الربح دون عمل في أغلب الأحيان. ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن هذه الثقافة لا زالت متجذرة في النفس على الرغم من التحولات الكبيرة التي يشهدها المجتمع في السنوات الأخيرة. وعندما تعود الذاكرة إلى الوراء قليلا نجدها تحفظ للكثير من الشباب سعيهم وراء تجميع كل ما لديهم من مال ومن أقربائهم أيضا للمضاربة بالأسهم والبيض وخلافه أو إعطاءه لأحد الأشخاص للمتاجرة به نيابة عنهم طمعا في أرباح وهمية فلكية لم تتحقق، وكانت النتيجة أنهم يعضون أصابع الندم إلى الآن بعد أن خيل لهم أن هناك استثمارات تحقق 100 % كأرباح سنوية. ولم تختلف المغامرة أيضا في سوق الأسهم بين 2003 و2006، عندما كان سوق الأسهم يصعد كالصاروخ وظن بعض الشباب أنه في طريقه إلى تحقيق حلم الثراء وذلك بعدم استماعهم إلى صوت العقل وخبراء اقتصاد العالم الذين أكدوا أن الأرباح المتوسطة سنويا لا يمكن أن تزيد على 20 %. وفي البحث عن إعانة حافز كان البعض من الشباب على استعداد للتخلص من سجلاتهم التجارية وتسريح العمالة التي على كفالتهم حتى يحصلوا على ألفي ريال شهريا لمدة عام. بدلا من أن يستغلوا هذه السجلات التجارية والمحاولة في إقامة مشاريع استثمارية خاصة بهم، مستفيدين من الدعم الذي توفره الدولة والمتمثل في القروض وغياب الضرائب والقوة الشرائية العالية في السوق السعودي. وإذا كانت الأمم لن تنهض إلا بشبابها فإن المطلوب منا جميعا الوقوف على هذه الظاهرة والبحث عن أسبابها ووضع الحلول لها. ولعلي أدعو إلى ضرورة تضمين المناهج بعض الموضوعات التي تشجع على الاستثمار والادخار المبكر. كما أنصح إخواني الشباب أيضا بالدخول في شراكات «يد وحده ما تصفق» لإقامة مشاريع مشتركة جادة تضمن عوامل النجاح وذلك استنادا إلى دراسات الجدوى الاقتصادية التي تأخذ بعين الاعتبار طبيعة السوق السعودي الذي يعمد إلى الحرية الاقتصادية في ظل معدلات إنفاق حكومية عالية تشكل دعامة لنجاح المشاريع التي يحتاج لها السوق.