كثيرا ما يحدث أن يرث الأبناء مهن وحرف آبائهم، ولا يمحو هذا الأثر إلا رغبة الأبناء في احتراف مهنة أو عمل قد يرون أنه الأفضل مع التطور الحضاري أو تحصيل علم معين. وبفضل الحياة المستقرة في جو الأسرة ومحيط العائلة يتكون لدى الفرد ما يسمى بالروح العائلية والعواطف، الامر الذي دفع أم سعيد لامتهان «سف» جريد النخل، وصناعة العديد من المقتنيات الأثرية منذ كان عمرها 7 سنوات، تعلمت هذه الحرفة من والدتها وجدتها عليهما رحمة الله، فأتقنت المهنة وأصبحت تجارة لها تقتات منها وتقوم بدورها كأم تعول عدداً من الأولاد والبنات مات والدهم منذ زمن. وأوضحت أم سعيد أن العمل وفر لها المال، مشيرة إلى أنها لم تعد عبئاً على أقربائها أو مجتمعها في إشباع حاجاتها المادية. وقالت: عملي هذا بات الدعامة الأساسية واللبنة الجوهرية لبيتي الذي يجمعني بأبنائي وبناتي فبقي خط الدفاع الأول الذي يحمينا من الفقر وسؤال الناس، مؤكدة أن العمل اليدوي ليس عيباً، بل يجبر الآخرين على احترامه. وأضافت: كونت لي قاعدة كبيرة من الزبائن وعرفني القاصي والداني، وساهم مهرجان الكليجا منذ انطلاقته في تعريف الزوار على بضاعتي، وفي تقييم الموروث الشعبي واعتباره أداة ثقافية للناشئة، حيث أجد استفسارات من الجيل الحالي ومن الصغار، في حين كل من يريد تزيين منزله بالمقتنيات الأثرية التي تصنع من سعف وجريد النخيل مثل المحادر والسفرة والقفة على مختلف أحجامها يجدها أمامه. وبينت أم سعيد أن اهتمام الناس باستقبال الضيوف وتقديم التمر والأكلات الشعبية في أسلوب تراثي هو ما جعل هذه الحرفة تستمر ويزيد عمرها، فالرجال والنساء على حد سواء يبحثون عن مصنوعاتي لتزيين منازلهم، معتبرة أن مساعدة بناتها في مسألة تسويق مصنوعاتها أمر إيجابي كونه يغطي عدم رغبتهن في خلافتي في هذه الحرفة، ولعل ترتيبهن وتسويقهن فرغني لصناعة العديد من تلك المقتنيات وتوفيرها للزبائن.