معلوم أن السائق والعاملة المنزلية ليسا ملاكين. فالسائق يسكن في جزء من منزل الأسرة ويقوم بنقل أفرادها، من رجال ونساء كبار وصغار أولاد وبنات. كما يقوم بتنظيف ما يحدد له داخل وخارج المنزل، وبعض السائقين يتاح له الوصول إلى أي مكان في المنزل. والعاملة المنزلية تكلف بالطبخ أو التنظيف أو تقوم بما توجه بعمله حسب متطلبات العمل المنزلي، أو يوكل إليها العناية بالأطفال الرضع والصغار، وكأنها أم أو صاحبة منزل. فتعامل الأسرة مع السائقين والعاملات المنزلية يختلف حسب القيم التي تعمل بموجبها كل أسرة. عموما تجدر مراقبة أفراد العمالة المنزلية، خاصة الشباب منهم، وتوجيههم باستمرار لتلافي إمكانية أي تجاوز منهم على الأولاد والبنات في الأسر، هذا مع عدم التعامل مع السائق أو العاملة المنزلية كما لو كان الواحد منهما «ما فيه غيره» أو كأحد أفراد الأسرة في المنزل، لكي لا يصاب بالغرور أو يشعر «بالمونة» ويتجه لارتكاب الخطأ... فإعطاء الثقة أو الإفراط فيها لغير مستحقها من العمالة المنزلية أو تقريبهم من أفراد الأسرة قد «ينزع الكلفة» ويجعلهم يتصرفون بما يسيء للأسرة، وعند ذلك لا ينفع الندم، ومهم الانتباه للعلاقات المشبوهة التي قد تحدث بين أفراد العمالة المنزلية أو بينهم وبعض أفراد الأسر. فالرقابة الضعيفة من الكبار في الأسرة تجعل العمالة المنزلية تشعر بمأمن من نتيجة مخالفاتها، وقد تستغل الرقابة الضعيفة حتى من بعض أفراد الأسر، كالأولاد، لما فيه الضرر. مع هذا يتوجب أن تعامل العمالة المنزلية بشكل عام باحترام وأن تحظى بمعاملة حسنة وإنسانية وأن لا يظلم أفرادها أو يهانوا أو يعتدى عليهم، أو ينتقص من حقوقهم التي أعطاهم إياها النظام والشرع. وفي هذا يروى أنه قيل ليحيى بن خالد : «إنك لا تؤدب غلمانك، ولا تضربهم» ، قال : «هم أمناؤنا على أنفسنا فإذا نحن أخفناهم فكيف نأمنهم ؟» . بعض الأمهات تعتمد في حضانة أطفالها على العاملات المنزلية وفي ذلك خطورة. فقد يتعرض بعض الأطفال للأذى المعنوي والجسدي (ضرب ورفس وتعذيب وترويع وإرهاب وسب ورفع الصوت عليهم ...) . وطبقا لجريدة عكاظ ( 2/12/1433ه 18/10/2012م) فقد أقدمت عاملة منزلية من الجنسية الإثيوبية إلى حرق وجه طفل مرتين، مستخدمة مكواة الملابس. كما نشرت «عكاظ» خبر اعتراف عاملة منزلية في تبوك بوضعها السم داخل كأس حليب لطفل عمره (9) سنوات ( الاثنين 12/1/1434ه 26/11/2012م). كما نشرت جريدة الوطن ( الخميس 22/1/1434ه 6/12/2012م ) خبر طعن عاملة منزلية من الجنسية الإثيوبية لأم وابنتها عدة طعنات بالسكين في مدينة ينبع. وقد يتعود الأطفال الاعتماد على العاملة المنزلية، عند ذلك يمكنها التأثير على عقيدتهم ولغتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم. هذا يعد إهمالا من الأم، التي قال فيها حافظ إبراهيم : الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعبا طيب الأعراق الأم روض إن تعهده الحيا ... بالري أورق أيما إيراق الأم أستاذ الأساتذة الألى ... شغلت مآثرهم مدى الآفاق من مسؤولية وواجبات الوالدين عدم التخلي عن أطفالهم للعمالة المنزلية، لأن ذلك يضعف دورهم تجاه أطفالهم ويؤثر على علاقتهم بهم وبإخوانهم وأخواتهم. كما أن الاعتماد على العمالة المنزلية في إدارة الشؤون المنزلية ورعاية مسؤوليتها، بما فيها الطبخ، يزيد من اتكال واعتماد أفراد الأسرة على غيرهم، ويجعل الكسل يدب فيهم، فيصبحون عندئذ غير قادرين على إدارة شؤون منزلهم، بل يعدون جاهلين في أمور مهمة للحياة الأسرية. ومن المؤسف أن يوجد من يتباهى بالأعداد الكبيرة من العمالة المنزلية لديهم، وبعض الأسر تعطي مفاتيح المنزل للسائقين والعاملات المنزلية فيتسنى لهم معرفة ما فيه، ويقفلون أبواب المنزل على أصحابه وقت النوم في الليل ويفتحونها في الصباح. وللقارئ أن يتخيل لو أرادت العمالة شرا في هذه الحال. لقد أصاب البعض مقتل بنفسه بفعل أيديهم، وهذا عين التخلف إن لم يكن الانتحار.. والله أعلم.