دون مبالغة أو تجاوز يمكن القول «ما أشبه الليلة بالبارحة» في مصر. المظاهرات تملأ الميادين، قوات الأمن في الشارع، صدامات وعنف وقتلى وجرحى، شعارات ينادي بعضها بإسقاط الشرعية عن النظام، هجوم على مقرات الحزب الحاكم، الرئيس يتأخر في الخروج على الشعب في الوقت المناسب، وحين خرج لم يقدم مبادرة تحتوي الأزمة القائمة أو تخفف من حدتها في الوقت الذي ارتفع فيه سقف المطالب. إحدى الفضائيات قامت بمقارنة بين مقتطفات من خطاب الرئيس السابق حسني مبارك الذي ترقبه الناس آنذاك وخطاب الرئيس محمد مرسي الذي انتظروه مساء الخميس الماضي لتوضح الشبه في الرسالة والمضمون رغم اختلاف المفردات، فهل هذا ما كانت تنتظره مصر بعد ثورة وتضحيات وأمل بمستقبل مختلف؟؟. الحقيقة أن الأمر هذه المرة أسوأ وأخطر لأن الشعب المصري في ثورة 25 يناير كان كتلة واحدة وصفا واحدا، بينما الآن منقسم إلى فسطاطين. كان الهدف واضحا ومحددا والآن كل فريق له هدف يتعارض مع هدف الفريق الآخر. كان الشعب يصطدم بأفراد أمن النظام ويواجه عنفها، والآن يواجه بعضه البعض ويقتل بعضه البعض. الثورة قامت ضد نظام استمر زمنا طويلا، لكن الأزمة الحالية نشأت بعد وقت قصير جدا للنظام الجديد الذي اعتقد الشعب أنه سيقوم بعملية إنعاش سريع لمصر تعيد لها عمل أجهزتها الحيوية، فإذا به يجبرها على البقاء في سرير العناية المركزة.. سلسلة القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي، وكان آخرها الإعلان الدستوري وتسريع تجهيز الدستور ومحاولة فرضه بتحديد موعد قصير جدا للاستفتاء عليه كان الشرارة التي أشعلت برميل البارود الجاهز، فبدلا من الاستماع إلى الأصوات المعارضة واحترامها والدخول في حوار عقلاني معها للوصول إلى توافق يجنب مصر الدخول في منزلق الخطر، حضر التشدد في الموقف والتمسك بالرأي واستحضار الاتهامات والإصرار على فرض الأمر الواقع واعتبار إعادة النظر والتراجع وبعض التنازلات من أجل الوطن انتقاصا من الهيبة والسيادة والسلطة، وحين سال الدم كنتيجة لهذا التصرف تأخرت المعالجة كثيرا، وحين اعتقد الجميع أن خطاب الرئيس مرسي سيضيء نورا في طريق الحل كانت المفاجأة أنه أضاف مزيدا من التعقيد على الوضع القائم.. الوضع في غاية الخطورة، ولابد أن يحتكم الجميع في السلطة والمعارضة إلى العقل والحكمة وإعلاء سلامة مصر وأمنها واستقرارها على أي اعتبارات أخرى. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]